للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الصفات وإن كانت تميز - مجتمعة - الكائنات إلا أنها ليست خاصة بها كما سنثبت في مقال قادم، بل هي توجد ولكن مشتتة أو مبعثرة في الجمادات، وكل ما في الأمر أنها إذا اجتمعت في جسم واحد قيل عنه إنه (حي)

فلنستعرض هذه المميزات المشتركة لنقول كلمة موجزة عن كل واحدة منها لأن مقام التفصيل في كتب البيولوجيا. وحسبنا أن يكون فيما نورده هنا مقدمة أو تمهيد يسهل لقراء الرسالة الوقوف على الأبحاث الجديدة العظيمة التي كشف عنها العلم في الثلاثين سنة الأخيرة مما سنشرحه في المقالات القادمة.

الشكل النوعي: لكل نوع من الكائنات الحية شكل معروف خاص به يميزه من غيره لأول وهلة. وتستوي في هذا الحيوانات والنباتات، كما أن لبلورات الجمادات والمواد المعدنية المبلورة أشكالاً هندسية ثابتة بكل نوع كيميائي منها تميزه من سواه.

وأشكال الحيوانات والنباتات تظهر ثابتة في مدة معينة من الزمن. ولكن إذا نظرنا إليها خلال ملايين السنين - على ما تبدو لنا في البقايا المتحجرة في طبقات الأرض المختلفة التي تكونت في الأعصر الجيولوجية القديمة المتعاقبة نجد أنها غير ثابتة، بل أنها في تغير وتحول مستمرين بفعل العوامل الطبيعية، والمؤثرات الجوية وتقلباتها، وتنازع البقاء بين الفصائل والأنواع والأفراد وما يترتب على ذلك من الانتخاب الطبيعي وبقاء الأنسب وانقراض غير الملائم للبيئة الجديدة والظروف الطارئة. غير أن فعل الطبيعة هذا تدريجي بسيط لا يظهر أثره إلا في ملايين السنين فيخيل لنا أن أشكال الحيوانات والنباتات ثابتة على الدوام، ولكن الحيوانات والنباتات المتحجرة التي عثر ويعثر عليها العلماء كل يوم في مختلف طبقات الأرض في جميع أنحاء الكرة الأرضية تدلنا على عظم تحول الأنواع وتسلسل الحديث منها من القديم. ويكفي أن يزور الإنسان أحد المتاحف الجيولوجية في أوربا ليقتنع بهذه الحقائق الثابتة التي يؤيدها من جهة أخرى علم التشريح التقابلي وعلم تكوين الجنين (يراجع المقال القيم الذي نشره أخيراً عن هذا الموضوع بمجلة (الرسالة) للأستاذ عصام الدين حفني ناصف)

التكوين الخلوي: إذا فحصنا بالميكرسكوب أية قطعة من جسم الإنسان أو أي حيوان أو أي نبات نرى أنها مؤلفة من خلايا صغيرة متلاصقة لا ترى بالعين المجردة، والخلية مكونة

<<  <  ج:
ص:  >  >>