نبوءة أينشتاين، وجعلت من نظريته مثاراً لحديث الناس عامة. على أنه إذا كان هذا حظ الجمهور من الاهتمام فقد عنى كثير من العلماء بنظرياته قبل ذلك التاريخ، ففي نوفمبر سنة ١٩١٧ أي بعد مرور عامين من نشرات أينشتاين عن (النسبية في وضعها العام)، نشر العالم (دى سيتر) بحثاً عن أثر نظرية أينشتاين في الناحية الفلكية. ونرى في هذا البحث لأول مرة أن الأجرام السماوية البعيدة يجب أن تعطينا على الأقل فكرة الابتعاد عنا، ولم يؤكد (دى سيتر) هذا الرأي بطريقة جازمة، وكان عمله من قبيل توقع ظاهرة يغلب على الظن ملاحظتها.
وظلت فكرة (دي سيتر) الجديدة في مفترق الطرق تفتقر للإثبات التجريبي بحيث إذا أيدت أرصاد الفلكيين هذا الابتعاد ثبتت صحة الطريق النظري الذي اختطه (دي سيتر)
ومن المدهش أن يتوصل الفلكيون بعد ذلك، لا إلى إثبات تحقق نبوءات (دي سيتر) فحسب، بل إلى أن هذا الابتعاد حقيقة واقعة، وأنه يتغير مع المسافة وفق قانون خاص. وبعبارة أخرى توصل العلماء لاكتشاف يُعد أكثر أهمية مما كان يتوقعه (دي سيتر). لندع الآن جانبا النظريات لنتكلم عن الطرق التجريبية التي أثبتت تمدد الكون واتساعه
ذكرنا أن السُّدم اللولبية هي أبعد ما نعرف من عوالم في الكون. وتقع السدم التي أمكن رؤيتها على مسافات تختلف من ١ إلى ١٥٠ مليون سنة ضوئية. ويجمل بنا أن نذكر أن السنة الضوئية هي المسافة التي يقطعها الضوء في سنة، بمعنى أنه لو تصورنا قاطرة تستطيع أن تدور حول الكرة الأرضية سبع مرات في الثانية الواحدة، فإنها تستغرق ١٥٠ مليون سنة لتسير من أحد تلك السدم حتى الأرض
هذه السدم المتباعدة منتشرة في الحيز الواحد بعد الآخر.
كل منها يكون عالماً كعالم المجرة الذي يحوي ملايين الكواكب التي تعد شمسنا واحداً منها، ولا حاجة بنا إلى أن نذكر مرة أخرى أنه إذا كان المجرة عالماً واحداً مكوناً من حوالي مائة ألف مليون نجم فإن مجموع العوالم الأخرى التي تشبهه تبلغ مثل هذا العدد
هذه العوالم المتباعدة الواحد منها عن الآخر لا نستطيع، عند التفكير فيها، أن نفصل فكرة الفراغ واتساعه عن فكرة الزمن والتطور، ولكن ندع فكرة تكوينها لنشرح الطريقة التي علمنا بها سرعة ابتعادها