أتباعاً بعد أن كانوا أئمة، وإهمالاً بعد أن كانوا سادة. كل ذلك والإسلام هو الإسلام، أنواره لألاءة لا تخبو، ومنبعه ثَرَّة لا تنضب؛ ولكن المسلمين نسوا الله فأنساهم أنفسهم، واستعزوا بغير سلطانه فوكلهم إلى غير راحم
أشهد أن هذا الأمر لا يصلح آخره إلا بما صلح به أوله: رجوع إلى الله في أمره ونهيه، وردُّ الخلاف إلى تنزيله ووحيه، وتأليف القلوب على كلمة التوحيد وتوحيد الكلمة. وفي يقيني أن الضال متى أدمت قدميه وعورة الطريق، وأنهكت قواه مشقة الحيرة، عاد يلتمس الهدى من مصدره، ويبتغي القصد من دليله. فالإسلام كما كان المبدأ سيكون المعاد، وكما أنقذ العالم في الأولى سينقذهم في الثانية. ومادام الله عزه اسمه قد ختم به الوحي فلابد أن يجدد حبله كلما رث ليعتصم به اللاجئ ويجتمع عليه الشتيت ويفيء إليه الشارد.
إن آية الهجرة التي ظهر بها الإسلام وعلا فيها الحق هي الإخلاص للعقيدة والتضحية للمبدأ والمصابرة في الجهاد والمؤاخاة في الله. وهذه الصفات التي زود الله بها رسوله الكريم لتبليغ رسالته وتمكين أمره، هي عدة كل دعوة ووسيلة كل نهضة؛ وبدونها لا يتفق رأي ولا تجتمع كلمة ولا تؤدي سياسة. يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله ولرسول إذا دعاكم لما يحييكم، واعلموا أن الله يحمل بين المرء وقلبه، وأنه إليه تحشرون. يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول ولا تخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون) أسأل الله المسلمين عامة ولهذا البلد خاصة هَديْا وسدادا، وعونا وإسعادا، وألفة واتحادا، إنه واسع الفضل عظيم الطول سميع الدعاء.