للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ففرض صلاة، تسعد بها النفوس، وتنبل الأخلاق، وتسمو العقول؛ وجعلها على أوقات، حتى لا يسبح الفكر الإنساني في عالم الماديات، وينسى غذاءه الروحي. وقد أوضح صاحب الرسالة عليه السلام كيفية أدائها قولاً وفعلاً، لئلا يترك الناس فوضى في عباداتهم.

وغدا المجال فسيح المدى أمام كل فرد، ليعبد الله بقلب يفيض حباً وضراعة وإخلاصاً.

إن الصلاة التي تؤدى، والنفس تعمرها الخشية والخشوع، لجديرة أن تجعل من الإنسان مَلَكاً يغمر الناس حباً وحناناً وخيراً وإحسانا، وفي ذلك يقول الله سبحانه: (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ولذكر الله أكبر)

وهاك ما قاله أحد كتاب الإنجليز مرة: تتجلى عظمة الإسلام في أن معابده ليست مما تشيدها الأيدي، وأن المسلم يستطيع تأدية صلاته في أي مكان شاء، تحت القبة الزرقاء، أو على ظهر البسيطة) أي بقعة يصلي فيها المسلم مخلصاً لله حنيفاً فهي له مسجد (جعلت لي الأرض كلها مسجداً، وتربتها طهوراً)

لم يقدر المسيحيون ما في صلاتنا من قوة روحية ومعنوية، ونبي الإسلام يقول: (جعلت قرة عيني في الصلاة) لأنه يناجي ربه ويجرد روحه أمام بارئه دون وساطة أو شفيع. وقد ثبت عن الثقاة أنه كان يبكي، وينتحب في صلاته، ويتململ تملل السليم تضرعاً إلى الله، وإنابة له.

لا رهبانية في الإسلام؛ لأنه دين سمح، سهل، يكفل خيري الدنيا والآخرة، ولم يدع أي شيء يحول بين العبد وربه: (وإذا سألك عبادي عني فإني قريبٌ أجيبُ دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا لعلهم يرشدون) وهذا ما جعل الإسلام يهزم البوذية والزرادشتية في عقر دارهما، ويدخل الناس فيه أفواجاً من كل أمة ونحلة؛ هرباً من عتو الكهنة واغتصابهم لحريتهم، وتحكمهم في أرواحهم.

كل مسلم مكلف بمعرفة دينه، والتفقه فيه، فلا طوائف دينية في الإسلام، ولا كهنة حباهم الله القداسة والقربى، بل الناس أمام الله سواسية كأسنان المشط، أكرمهم عنده أتقاهم. والتشفع بالأولياء، في شرعة الدين الحقة، ضرب من البدع وانحراف عن جادة الصواب، وروح الإسلام.

ربما توهم بعض الناس أن التقرب إلى الله بإراقة دماء الأضحية من تعاليم الإسلام، ولكن

<<  <  ج:
ص:  >  >>