الفارسية العظيمة منذ ألفين وخمسمائة عام، وكان ينضوي تحت لوائها عشرون ولاية، تمتد حدودها من فارجيانا في الشمال الشرقي إلى الحبشة في الجنوب الغربي، والبلقان في الشمال الغربي إلى السند في الجنوب الشرقي.
الأدب الفارسي
كان الأدب الفارسي زاخراً في كل وقت، ويمكن تقسيمه إلى ثلاثة عهود، العهد الديني، وعهد الملاحم، وعهد الشعر الغنائي، ويكمل هذه الأنواع الثلاثة أدب المسرح والقصة.
وقد خضعت اللغة الفارسية لعدة تعديلات، فقد ظلت الإيرانية لقديمة اللغة الرسمية إلى القرن الثالث قبل الميلاد، وهي لغة ساذجة فقيرة.
ثم تطورت بعد ذلك إلى للغة البهلوية، وهي مزيج من الإيرانية القديمة والعناصر السامية، وبقيت هي اللغة الوطنية إلى الفتح الإسلامي.
على أن اللغة الفارسية الأخيرة لم تولد إلا في القرن العاشر، حين دخل على الروح الفارسية تطور أساسي، فبعد أن كانت محض لغة دينية أصبحت لغة أدب، وصار الشعراء محل إكرام وتبجيل في بلاط الملوك وشغلوا مناصب رفيعة.
وكان الفردوسي أكبرهم وأثرهم، تجسدت فيه الروح الشرقية بشكل عجيب، وخاصة في الناحية الشعرية والغرامية، وكان شعره يزدان بالفخامة والروعة اللتين كانتا تسودان في بلاط الملوك.
ويجب أن نذكر بين الشعراء الغنائيين السعدي الذي اشتهر بكتابيه كولستان والبستان اللذين يعتبران قانون الأخلاق الفارسية حتى لقد اشتهر في العالم أجمع كما أن العالم كله يعرف البديعيات الساحرة التي ينشر بها هذا الشاعر الكبير تعاليمه في الأخلاق الدينية والإنسانية، وأننا لنلمس تحت ستار الأمثال البديعة الدليل على إخلاصه في إصلاح النفس والقلب الإنساني؛ وقد يبدو أن الشاعر يعرفهما أتم معرفة لطول ما قاسى في كثير من الملاحظة والتأمل.
ويعجبنا في السعدي حب الجمال والملاحة على الخصوص؛ وهو على وجه خاص فنان لأنه شديد الحس، يحيا بين الزهور، ويحب الملابس المتألقة، ويجمل أشخصه بجواهر متناهية الدقة في النقش، ويعطرهم بالمسك والعنبر؛ وإن يكن فنه غير فخم لكنه شديد