يتزعزع عن خدم الديانة حتى في انشط أدواره، في غضون عصر الأسرة الثامنة عشرة عندما جنحت الفكرة بفن تل العمارنة إلى الإغراق في تزويق القصور.
ومن ذلك كان الفن في كل أدواره مرتبطا مع الدين برباط وثيق. يتأثر تبعا للانقلابات الدينية، أو الحركات العبادة ذاتها. أو قل إن الكهنة كانوا غالبا يسيطرون على دفة الفن، فيوجهونها حيثما شاءوا، بحسب العقيدة والأهواء الدينية. لما كان للكهنة من سلطة عظيمة في البلاد، تقارب سلطة الملك ذاته، بل إن سلطته كانت في بعض الأحيان، تفوق سلطة الملك.
ولكن الفن الذي تركه لنا أولئك القدماء، أعطانا، مع ذلك، افخر ما يشهد بقدرتهم وكفايتهم، واصدق ما يعبر عن نضوج أذهانهم واكتمالها. بل أعطانا في كل أسباب شواهد لا تحصر من البراعة والسمو والإبداع مع وفر من الرشاقة والجمال. في حين انى كل فن، قام أو يقوم بخدمة الديانة بعده، وقف طويلا في طريق الجمود.
ومصر لا يجب أن تعتبر وثنية بكل المعنى. لأنها في كل أدوار تاريخها كانت متغلغلة في أسباب الديانة، مراعية للخير والصلاح بكل دقة، تقدر الحساب والعقاب، وتعمل للآخرة، حتى طبعت أرضها بطابع ديني. يقرب كثيرا في بعض الأحيان من الحقيقة. وفنها من اجل ذلك، في مسحته القدسية، يجعلنا بعيدا عن الحقائق الأرضية، بما يفوق الفن الإغريقي. ولكنه في الوقت نفسه نابض بكل معاني المقدرة والرزانة، متواضع مع الأفكار البشرية، مخلص كل الإخلاص في التعبير عن الإنسانية الأولى.