للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

تعليما عاليا في أوربا وأمريكا يحجمن عن الزواج ويفضلن حياة الإنتاج والكسب والاستقلال على الحياة المنزلية التي لا تهيئ لهن الميدان الكافي لاستثمار معلوماتهن بالذات فيقل عدد النسل ويضمحل إذ تترك تلك العملية الهامة لأغلبية من غير المتعلمات؟ ثم ألا تصبح أولئك المتمردات على الحياة البيتية عامل خطرا من عوامل الأزمات الاقتصادية إذ ينافسن الرجال في ميادين الأعمال فيزداد عدد العاطلين والمعوزين من الأسر؟.

إن مجرد النظر السطحي إلى مثل هذه الاعتراضات يظهر المرأة بمظهر الخارج على القوانين الطبيعية العامل على فناء النوع الإنساني ومضاعفة أخطار الأزمة الاقتصادية. ولكن الموضوع اخطر من أن نكتفي بالنظر السطحي إليه. لنسلم جدلا بان اكثر من ٥٠ في المائة من خريجات الجامعات يحجمن عن الزواج عندما يجدن لذة كافية في الأمور العلمية واستثمار تعليمهن العالي. ولكن تسليمنا بذلك ما هو إلا تسليم بجانب من الحقيقة فقط، ويجب أن نذكر إنصافاً للمرأة وإقراراً للحق إن المرأة التي لا تتزوج تخدم المجتمع في الغالب بطريق مباشر، طريق الإنتاج والعمل وإصلاح المساوئ الاجتماعية فعمل المرأة البيولوجي لا يصل وحده بالمجتمع إلى الرقي والرخاء وإنما الإنسانية بحاجة إلى مجهودها الموفق واستغلال مواهبها خارج المنزل كما هي بحاجة إلى عملها الخاص داخله. أما ما يقال عن نتاج من يتزوج من المتعلمات تعليما عاليا وان كن الأقلية فهو أن العبرة بالنوع لا بالعدد، وبالكيف لا بالكم. فلو لم تتعلم النساء هذا التعلم لكنا حقا اكتسبنا زيادة في عدد الأطفال ولكنا من ناحية أخرى كنا نفقد الإضافة إلى الإنتاج العقلي والثروة المعنوية، والأطفال الممتازين الذين لا ينجبهم غير الأمهات المتعلمات تعليما عاليا.

أما المشكلة الأخرى وهي زيادة مزاحمة المرأة للرجل فيما لو تعلمت تعليما عاليا فيكفي أن نقول لهدم هذا الاعتراض انه ناتج عن أنانية الرجل فلو لم يكن الرجل أنانياً حقا لما عمل تضحية المزايا المعنوية التي تترتب على تعليم المرأة تعليما عاليا في سبيل الاستئثار بالمزايا المادية بأبعاد المرأة عن ميدان العمل بل هو قد يقدم على اكثر من ذلك فيعمل على أن يحرمها متعة التعليم العالي واللذة الروحية حتى يضمن عدم منافستها المادية في أحد الأيام. إن مثل هذا الاعتراض لا يتفق مع شهامة الرجولة ولا مع إقدام الرجل.

<<  <  ج:
ص:  >  >>