والباحثون في هذا الشأن من الغربيين يرون في (الشافعي) واضعاً (لأصول الفقه) يقول (جولد زيهر) في مقالته في كلمة (فقه) في دائرة المعارف الإسلامية: (واظهر مزايا محمد بن إدريس الشافعي): انه وضع نظام الاستنباط الشرعي من أصول الفقه وحدد مجال كل أصل من هذه الأصول وقد ابتدع في (رسالته) نظاما للقياس العقلي الذي ينبغي الرجوع إليه في التشريع من غير إخلال بما للكتاب والسنة من الشان المقدم ريث الاستنباط من هذه الأصول ووضع القواعد لاستعمالها بعدماكان جزافاً).
على أنا نجد في كتاب الفهرست في ترجمة (محمد بن الحسن) ذكر كتاب له يسمى (كتاب أصول الفقه).
ويقول الموفق المكي في كتابه (مناقب الإمام الأعظم) نقلا عن طلحة بن محمد بن جعفر؛ إن ابا يوسف أول من وضع الكتب في (أصول الفقه) على مذهب أبي حنيفة ج ٢ ص٢٤٥ ونقل ذلك طاش كيري زاده في كتابه (مفتاح السعادة) ج ٢ ص ١٠٢
ولم يرد كتاب في هذا العدد فيما أورده صاحب (الفهرست) لأبي يوسف من الكتب وإذا صح. إن لأبي يوسف أو لمحمد كتاباً (في أصول الفقه) فهو فيما يظهر كتاب لنصرة ما كان يأخذ به أبو حنيفة ويعيبه أهل الحديث من الاستحسان.
وقد يؤيد ذلك، إن صاحب (الفهرست) ذكر في أسماء كتب أبي يوسف. كتاب الجوامع ألفه ليحيى ابن خالد يحتوي على أربعين كتاب، ذكر فيه اختلاف الناس والرأي المأخوذ به ولم يكن فيه طبيعة مذهب أهل الرأي الذين كان من همهم؛ إن يجمعوا المسائل ويستكثروا منها، النزوع إلى تقييد الاستنباط بقواعد لا تتركه متسعا رحبا على إن القول بان أبا يوسف هو أول من تكلم في (أصول الفقه) على مذهب أبي حنيفة لا يعارض القول بان الشافعي هو الذي وضع (أصول الفقه) علما ذا قواعد عامه يرجع إليها كل مستنبط لحكم شرعي وقد لا يكون بعيدا عن غرض (الشافعي) في وضع (أصول الفقه): إن يقرب الشقة بين أهل الرأي وأهل الحديث ويمهد للوحدة التي دعا إليها الإسلام.