للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإنه إذا سلط عليها نور أحمر تلونت في الحال باللون الأحمر، وإذا سلط عليها النور الأخضر تلونت في الحال باللون الأخضر. فأملاح الفضة التي على هذه اللوحات لا تتأثر فقط بالضوء بل كأنها تدافع عن كيانه ضده لأنه يقتلها بأن يحللها ويحولها إلى مواد أخرى. فعندما يسلط عليها النور الأحمر تتلون في الحال باللون الأحمر لأن هذا اللون يمنع دخول الأشعة الحمراء؛ وكذلك الحال عندما يسلط عليها النور الأخضر أو غيره. أفلا تكون غريزة حب البقاء القائمة في الإنسان وفي جميع الحيوانات من نوع هذه الظاهرة الغريبة؟ وما الفرق بين هذه اللوحات الفوتوغرافية - هذه الجمادات المحضة - وبين بعض الحيوانات التي تتلون بألوان مختلفة حسب البيئة التي توجد فيها

ومن الأمثلة على تأثر الجمادات ما هو معروف في علم الصوت من أنه إذا دق إنسان على وتر من آلة موسيقية، فإن الوتر المقابل له في الآلة القريبة منها يتأثر ذاتياً ويهتز من تلقاء نفسه اهتزازاً خفيفاً، ولكنه يظهر جلياً بواسطة الآلة المكبرة للصوت

وقد وضع السيربوز العالم البيولوجي الهندي الكبير الذي زار مصر سنة ١٩٢٨ جهازاً دقيقاً بديعاً لإثبات تأثر المعادن بالكهرباء يدل على أنها تتعب وتضعف اهتزازاتها إذا تكرر تسليط الكهرباء عليها مدة طويلة متعددة. وإذا استراحت مدة من الزمن عادت الاهتزازات التي تحدثها فيها الكهرباء إلى قوتها

النتيجة

يتضح من كل ما تقدم إنه لا يوجد أي فرق جوهري بين الكائنات الحية وبين الجمادات، وأن كل ظواهر الحياة توجد في الجمادات، بل إن بعض الجيولوجيين يرجحون أن الجزء الحي فعلاً في الحيوانات (ومن بينها الإنسان، وفي النباتات هو المواد المعدنية الغروية التي تدخل كميات قليلة منها في تركيب خلاياها. وقد ثبت أن المادة الحية تشتق رأساً من الجمادات على الدوام تحت أعيننا وعلى مرأى منا بفعل قوة الشمس بواسطة مادة النباتات الخضراء (الكلوروفيل) بحيث لا يوجد عنصر خاص بالأحياء. كما أن القوى التي تعمل في الأحياء وتديرها هي من القوة الطبيعية المحضة ومشتقة منها وليس شيء آخر خلافها

وكلما تقدم العلم تلاشى ذلك الخيال الذي كانوا يعتقدون فيما مضى أن له وجوداً خاصّاً قائماً بذاته مستقلاً عن المادة. وما الحياة في الواقع إلا تفاعلات كيميائية أو بالأحرى طريق

<<  <  ج:
ص:  >  >>