الألف من درجة الحرارة الواحدة. وقد دلت هذه الآلات بطريقة ظاهرة على أن حرارة المخ ترتفع أثناء التفكير، وهذا الارتفاع لا يمكن أن يأتي إلا بورود كمية من الدم إلى المخ واحتراق بعض المواد الغذائية التي يحتويها أو من المدخرة في المخ شأن كل عضو في حالة العمل
يؤيد هذا أيضاً ازدياد كمية المواد الفوسفاتية في البول لدى الأشخاص الذين يزاولون الأعمال العقلية المتواصلة كما يدل على ذلك التحليل الكيميائي، وهي تنتج من احتراق المواد الغذائية الفوسفورية المدخرة في المخ مثل الليسيتين أو التي يوردها الدم إلى ذلك العضو
ويؤيد هذا أيضاً ما هو معروف للجميع من أن الطفل يكون عند ولادته عديم التفكير ثم تأخذ قواه العقلية في النمو بنمو مخه مع باقي جسمه، وأن كثيراً ما تضعف هذه القوى في الشيوخ حينما ييبس المخ وتتصلب شرايينه ويذهب فريسة كريات الدم البيضاء المفترسة، أو حينما يتناول الإنسان كمية من الخمر أو يصاب بحمى شديدة أو بأي مرض يؤثر في المخ. فلاشك في أن التفكير إنما هو وظيفة المخ وأن مصدره الوحيد الطاقة الناتجة من احتراق المواد الغذائية شأنه شأن باقي وظائف الأعضاء الأخرى
وبالجملة فإن ناموس بقاء الطاقة وعدم تلاشيها ينطبق على الكائنات الحية ومنها الإنسان وانطباقه على الجمادات
النتيجة
فمن أية ناحية نظرنا إلى الموضوع نجد أنه لا يوجد أي فرق جوهري بين الكائنات الحية وبين الجمادات كما قلنا في ختام المقال الأخير، وهذا يدل دلالة قاطعة على وحدتهما
ولا يسعني إلا أن أختم هذا البحث بالعبارة التي ختم بها أستاذي المأسوف عليه فريديك هوسيه أستاذ علم البيولوجيا بجامعة باريس (السوربون) محاضراته في هذا الموضوع حيث قال: (إذن فكل ما في الطبيعة حي، أو ليس فيها حي) , (يقصد أنه لا يوجد أي فرق بين الكائنات الحية وبين باقي ما في الطبيعة من أجسام أخرى معدنية أو جمادات
وحتى الأخلاق فقد تناولها العلم وأثبت أنها ظاهرة طبيعية تطرأ على الحيوانات الاجتماعية كالنمل والإنسان نتيجة لازمة لحياة أفرادها جماعة، وقد أصبحت - أي الأخلاق - غريزة