وعينيك. . . أرسل نفَسك ندِيّاً خافتاً بسيطاً بدون تعقيد ليحمله النسيم مع العطور. . . ثم لا تفكر! حتى لا تحترق أوراق الورد، وتختنق أنفاس النسيم.
وانظر إلى المطفلات من البهائم، وإلى أطفالها بحنان، وهي ترعى سعيدة تخضم نبتة الربيع ثم تخور وتجتر حالمة. . .
فإذا جاء الليل فاخرج إلى الحدائق المعلقة في السماء، وانظر فيها حالماً ساهماً تحت ضوء القمر الباهت، ودر بعينيك في نفسك وفي أغوار الأزل والأبد. فلعلك أن ترى هناك الربيع الدائم. . .
نعم. فليس قلبك قانعاً بهذه اللحظات الفانية من ربيع الأرض. . . أن قلبك ليس ورقة من ورقات الأشجار تخرج ناظرة ساهمة بلهاء، ثم تفارق الكون مكرهة إلى غير رجعة. بل هو عقدة ثمرة خالدة في الربيع الخالد الذي لا يحرقه صيف ولا يحوله خريف إلى هشيم تذروه الرياح وتلوى به الصبا والدبور إلى الدثور.
ولئن عز عليك أن تفنى بين يديك وأمام عينيك أرواح الأزهار الأرضية، وتتساقط أجسادها جثثاً بالية ناصلة الألوان مسلوبة العطر. . . فأنظر إلى حدائق السماء ذات الزهور الخالدة التي تصل إليك ألوانها وعطورها من بعد. وتَعزَّ بهذا البقاءَ عن ذاك الفناء. وكن على يقين بأن قلبك مخلوق دائم لهذا الربيع الدائم الذي تراه في الحدائق المعلقة. . .