وفي (رزوق عاد من أميركا) يمثل لك صاحب الأشباح طموح الفلاح والتماسه الرزق وراء البحار وكيف يعود رجلاً آخر يسخر من القرية وأهلها فيضيع ثروته في حياة المدنية ومستواها الذي لم يخلق له
إن في (أشباح القرية) لروعة في الوصف وإبداعاً في التمثيل ونكتة في السياق. غير أنها قد حملت في بعض رسومها ألواناً قاتمة، ولعلها ندت في بعض أطرافها عن تصوير الحقيقة، كأن يصف روائي لبنان عجوزاً بأنها كتعاء عوراء عرجاء، فهذا الغلو في التعبير قد يخرج الصورة عن إطارها الذي يليق بها. ولعل لموهبته المولدة وبصيرته النفاذة وقلمه السيال يداً في هذه ألهناه التي تنجم عن وفرة الإنتاج وجموح الخيال؛ فالأستاذ كرم يخلع على قصصه ألواناً من لإبداعه حتى تتسع أفياؤها ويلتبس على قارئها أهي واقعة من الحياة أم ابتدعتها مخيلته في الرواية، ولكني أعتقد أن مذهبه في الفن القصصي مبني على الحقيقة والواقع، مستمد روعته من مسارح الخيال بدليل أن (أشباح القرية) تمثل لك الأشخاص كأنك عشت بينهم ووعيت حياتهم وعرفت طبائعهم وميولهم. وصفوة القول أن الأستاذ كرم ملحم كرم من بناة النهضة الأدبية الحديثة في لبنان، وكتابه (أشباح القرية) جدير بالمطالعة والإعجاب لأسلوبه الجميل ولهجته السليمة وصبغته الخاصة على ندرة هذه الميزات في كتاب القصة.