كما يقتل الكلب فلا يكون جزاء قاتله إلا ضرب (ظله) بالسيف. . .!
قد يقال هذا وأكثر منه ولكن بحث اليوم ومقارنة الساعة لا تنسحب على الماضي وإلا كان هذا أدعى إلى تعنيفنا إذ كيف يستسيغ الإنسان هذا التطور الأخلاقي السريع الذي لا يسير إلا منحدراً. . .؟؟
لقد كان آباؤنا وأجدادنا من خمسين سنة أسلم منا حكماً وأعدل تقديراً، وأضبط عاطفة، وأسمى غرضاً
كانوا لا يعيشون لشهواتهم وجسومهم كما نعيش نحن الآن مع أنهم لو فعلوا ما استطاع اللوم أن يصل إليهم فقد كانوا أوفر منا مالاً وأقل انشغالاً بتهيئة وسائل المعيشة. وكانوا أقرب إلى (الفطرة) منا إليها، وكانت جميع المحرمات والممنوعات التي تستلب الإحساس وتمنع التقدير السليم موفورة لديهم، ومع ذلك كله استطاعوا أن يقدروا الفن ويتساووا مع الغرب الآن. . . أي أنهم كانوا يعيشون من نصف قرن كما يعيش الغرب الآن من حيث تفكيره وتقديره الموسيقي. . .!
قد يكون للاحتلال نصيب، وقد يكون للانحلال الأخلاقي الذي يتغلغل في عظمنا ونفوسنا نصيب، وقد يكون لتلك النفوس التي طبعت بطابع الزلة بعد الحرب وبعد الثورة المصرية نصيب
تلك النفوس التي استساغت هذا اللون المسترخي وهذا التخنث الذي يطفح من كل أغنية، ثم تدرجت بعد هذا إلى السيطرة على بقية النفوس حتى أصبحنا ونحن على هذا الحال البغيض
فالجمهور لا يشجع إلا الجميلة من المطربات أو الظريفة منهن أو كثيرة الأصدقاء. . .
هبط معيار التقدير حتى أصبح منحصراً في الجسم وفي كل ما يرضي الجسم. أما الروح. أما الفن بصرف النظر عن كل شيء فلا. . .!
ولهذا أصبح جونا الموسيقي جو جسم بحت، وأصبحت تربته لا تنبت ولا تصور إلا الشهوة. أما الصوت، أما الفن، فهذه أشياء تافهة في عرف الذوق الشرقي عامة والذوق المصري خاصة!