ووصف مناظر الغابة وأصواتها التي تحكي جميع شجون النفس في قصيدة: (الغابة). أما وصف: (شريعة الغابة) من فتك في آخر القصيدة، فهذا ليس من التشاؤم. بل هو تحليل لصفات النفوس يدل عليه تقاتل الآحاد والأمم في العالم، ويعترف بصدقه كل إنسان ما عدا الإنسان الذي لا يستطيع إلا الضحك دائماً، وما عدا الإنسان الذي يتخذ الباطل في وصف النفس تجارة ربح ويسميها التفاؤل. ووصف مظاهر الضوء ومباهجه ومحاسنه في قصيدة: (الضوء) دليل آخر على التفاؤل الصحيح غير المزيف:
أو مثل فجر الآمال إنَّ لها ... فجراً وليلاً يَضاء بالذكرِ
كأنك أنتَ سُلّمُ لعلا ... ء النفس تسمو لآية العَمر
تُخالُ من رقة المراسم مع ... نى لا يراه البصير بالبصر
والساخر الذي يستطيع بالرغم من سخره أن يقول كما قلت في قصيدة (سؤر العيش):
والسخر مرآةَ إبليس التي نصبت ... إن تبُصر الحق فيها عاد كذَّابا
فيجعل السخر مرآة الباطل ومرآة إبليس في بعض الأحايين لا يكون التشاؤم غالباً عليه، والذي يستطيع أن يصف سحر: (ضحكات الأطفال) كما استطعت في قلبه نور الأمل لأن الأطفال هم أمل الحياة:
ضحكة منك صوتها صوت تغري ... د العصافير تستلين القلوبا
ضحكة ردت المشيب شبابا ... وأماتت من الوجوه الشحوبا
ضحكات كأنها كلمات ال ... له تمحو مآثماً وذنوبا
إلى آخر القصيدة. وقد قلت في وصف أثر مظاهر الجمال في قصيدة (قبس الحسن):
يا شمس حسن حياتنا ثمرٌ ... ينضج في ضوء حسنك الثمر
على أن الحسن في الأحياء والأشياء ذوق رمز ومعنى واصطلاح تخلقه النفس. ومن أجل ذلك كانت سعادة المرء في نفسه كما قلت في قصيدة (طائر السعادة):
ومن لم يجد في نفسه ذخر عيشه ... فليس له بين الأنام نصير
وكره الإنسان للعيش هو من حبه للعيش كما في هذه القصيدة أيضاً:
قلى العيش حب العيش قد شط رغده ... كما يَبغضُ المهجور وهو أسير
كمن يبغض الحسناء يقلى دلالها ... وفي الصدر منه لوعة وزفير