إلى أن قلت:
ورأينا الحياة من كل وجه ... وعشقنا كمالها المستحيلا
ورجعنا إلى الحقائق حتى ... لم نعد نطلب المحال بديلا
فهذا ليس من التشاؤم بل هو ما يناله المرء من حكمة الحياة وهو لم يمنع من وصف آمال الإنسانية كما في القصائد التي ذكرت في أول المقال. وقصيدة (الحسن مرآة الطبيعة) عل ما بها من ذكر الموت في آخرها جمعت مظاهر الحسن ومنها:
أنت مرآة ما يجيء به الكو ... ن من الحسن بكرةً وأصيلا
فأرى في الصباح منك ضياءً ... وأرى في المساء منك ذبولا
وأرى منك في الخريف شبيهاً ... ثمراً يانعاً وزهراً جميلا
وما أذكر الموت في آخرها إلا أنه يدعو إلى محاسن الحياة والتزود منها. وقد وصفت أثر تفاعل الكون والنفس في قصيدة (الشعر والطبيعة) ومنها:
إذا غنت الأطيار في الأيك صُدَّحا ... تغنت لأشجان الفؤاد طيور
وللريح هبات وللنفس مثلها ... تُغَنِّي رُخاءٌ فيهما ودَبُور
نرى في سماء النفس ما في سمائنا ... ونبصر فيها البدر وهو منير
إذا كنتُ في روض فقلبيَ طائر ... يُغَنِّي على أفنانه ويطير
وإنْ كنتُ فوق البحر فالقلب موجة ... تَسَرَّبُ في أمواجه وتسير
وإنْ كنتُ فوق الشُّمِّ فالقلب نسرها ... وللنسر في شم الجبال وكور
وفي قصيدة (الشاعر المحتضر) يتعلل بأنه قبل موته جمل الحياة بفنه:
وجَمَّلْتُ الحياة بنظم شعر ... شبيه الضوءِ في الأفق الأغَرِّ
وقد جعلنا مثل هذا القول علالة لأن بين الأدباء من يتعلل به وإن كنا لسنا في حاجة إلى مثل هذه العلالة ولا نأسى لضياع عمل عمر بأكمله.
وفي قصيدة (خواطر الحياة) أثناء التألم أستطيع أن أقول:
والسخطُ غربال جَاهدٍ قصد ال ... سيل كأن الأَتيَّ مردود
أي أن حوادث الدهر لا تدفع بالسخط والحزن كما أن السيل لا يرد بغربال.
وفي قصيدة (كعبة النفس) جعلت الرجاء من الإيمان والعبادة: