عليكِ بعض لهفتك يا والدة فيصل الثاني وتقوي من احتمالك للمصيبة، وتستنهض همتك لإدراك روح غازي في ابن غازي (فيصل طفل اليوم)، وبفضلك وحزم رعايتك يكون رجل الغد المسؤول.
من أهم ما لفت نظري وأنا أتتبع تاريخ حياة الملكة فكتوريا الطريقة التي اتبعتها في تربية أولادها. روي عنها أنها كلما أرادت اختيار مربية لأولادها، كانت تكلف بعض خلصائها أن يبعثوا إليها ببعض من يثقون بهن من المربيات، وكانت لا تقابلهن في بادئ الأمر، وإنما تأمر بأن تقدم المربية إلى الأطفال مباشرة وهي تراقبها معهم من وراء ستار. وكان يتوقف قبولها أو رفضها للمربية على تلك المقابلة الأولى مع أطفالها. سئلت مرة عن السر في قبولها إحدى المربيات وقد أثنت عليها دون تحفظ وودت لو كان جميع المربيات مثلها فقالت: لقد رأيت فيها حنو ألام الطبيعي وتضحيتها الصادقة في معاملة الأطفال مما دعاني إلى الظهور لها من وراء السجف لأشكرها وأشعرها برضائي عنها
وهكذا كان لها رأي خاص بالنسبة لاختيار الرائضين من الرجال، وكانت تختار من تتوسم في معاملاته للأطفال الأمراء في غير وجودها سمات الأبوة الرصينة.
والسيدات العراقيات على ما خبرت من أحوالهن، أمهات صالحات بارات مضحيات، وسيدة البلاد الأولى. . . أم فيصل الثاني. . . تبزهن جميعاً في يقظة الانتباه، وصدق النظرة، وقوة الطموح.
نرجو للعراق وأهل العراق السلامة من كل مكروه، وأن يسلم رجاله العاملون، بفناء الخصومات، واندثار الشرور التي تعكر صفو النفوس وتهد أركان الوطن المفدى.
رحم الله سيد البلاد الراحل وعزى أهله وشعبه أجمل العزاء.