للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الطبيعي أو الأقرب من الطبيعة.

فكيف إذن يمكن أن يُحيا غناء كهذا، أو كيف يمكن أن نحيى بنوع من الغناء ذكرى مغن كعبده الحامولي؟

خطر لحزمة الرؤوس المفكرة التي اجتمعت في وزارة المعارف أن يغني مغن في حفلة الذكرى شيئاً من أغاني عبده الحامولي؛ فأشبه هذا الخاطر خاطر لذيذاً مر برأس صاحب لنا كان صوته يشبه صوت سعد زغلول، فرأى أن يلقي أحد خطب سعد زغلول في حفلة من حفلات ذكراه، ولم يمنعه من تنفيذ فكرته هذه إلا أنه عجز عن الاتصال بأصحاب الأمر والنهي في هذه الحفلات. ولعله لو كان قد وصل إلى أصحاب الأمر والنهي هؤلاء لكان قد استطاع أن يقدم للمحتفلين بذكرى الخطيب العظيم الراحل هذه (النمرة الكوميك). فيدخل على نفوسهم شيئاً من الراحة قد يشعرون بالحاجة إليه خلال ذلك الألم الذي ينتاب نفوسهم حين يذكرون الفقيد.

فهل تريد وزارة المعارف أن تكون لذيذة كصاحبنا هذا حين تريد أن تكرم رجلاً من أساطين الفنانين المصريين؟

أن عبده الحامولي لا يمكن أن يستعاد ولا يمكن أن يسترجع، وليس كل عظيم بمستطاع أن يكرم ذكره بتكريم من نوع موهبته وفنه. فالأمريكان إذا أحبوا أن يذكروا إديسون في حفلة فإنهم لا يستطيعون أن يعرضوا في هذه الحفلة مخترعاً يخترع أمام الجمهور اختراعات إديسون!

إنما هناك وسائل أخرى لتكريم أمثال هؤلاء الذين تتصل كرامتهم بأشخاصهم وذواتهم، فلأمثال هؤلاء يمكن أن تقام التماثيل، وبأسماء هؤلاء يمكن أن تتوج المسارح القومية ومعاهد الفنون. وأما ترجيع فنهم نفسه فمحال إلا إذا كان الفن مربوطاً مقيداً مثل فن سيد درويش فهو الذي تستطيع وزارة المعارف أن تحمل الفرقة القومية على تمثيل رواياته الخالدة.

أما إذا أصرت وزارة المعارف على أن تحيي ذكرى عبده الحامولي بغناء وألحان من المحفوظ عنه فإننا نرجوها أن تتريث كل التريث قبل أن تختار المغنين الذين ستعهد إليهم بإحياء هذه الذكرى الجليلة، وعليها أن تعرف أن عبده الحامولي كان مغنياً صاحب صوت

<<  <  ج:
ص:  >  >>