ولقد كانَ قُرةً للمآقي ... ولقد كان خفْقةً في الصدور
تَتغنَّى به القلوبُ تَسابيحَ ... ويَهفو إليه كلُّ ضمير
إيه بغدادُ! أين مِنِّىَ قبرٌ ... ضَمّ أشْلاءُ حلمِنا المذْرورِ؟!
أنا أبكي له غَريباً فمنذا ... يُبلغُ القبرَ مَدْمعي وزفيري
في بلاد، لا القومُ فيها بقومي ... فَأُعزّي، ولا القصور قصوري
ولو أني هناكَ حيثُ فؤادي ... هائمٌ وحدَه وراَء البحور
في بلادي وملعبي وظلالي ... عندَ أهلي وجيرتي وعشيري
لنثرتُ الزهورَ من صدْري الدّا ... مي على قبرهِ الذّكيِّ الطَّهور!
يا مليكي! يا سِّيدَ الشام إرثاً ... عن أبيهِ المظَفَّر المنصورِ
أرأيتَ الشّآمَ أذْهلها الخ ... طبُ ومادتْ لنعيكَ المسْتَثِير
أمسكتْ قلبها الطَّعينَ بكَ ... فّيها وصاحت كالصارخِ المستجير
نسِيَتْ جرحها البليغَ المدَمَّي ... وشكاياتِ صدرِها المصهور
ونيوبَ الدّخيلِ تَفتكُ فيها ... فتكةَ الذّئب بالقنيصِ الأسير
وتَلَوّتْ مَحلولَةَ الشَّعرِ تبكي ... في مناخاتِ حُلْمِها المقبور
طالما جَمَّعَت لَك الزَّهَر النَّضْ ... رَ وهامتْ على ضِفافِ الغدير
وقَضتْ لَيلَها تصوغُ لكَ التا ... جَ وتمشي في قَيدها المجرور
لم تكنْ وهْي تَنسِج التاجَ تدري ... أنَّ مَنْعى آمالها في البكور!
لهفَ نفسي يا شامُ يا ملعبَ الأب ... طالِ، يا مَسرحَ الحسان الحور!
يا نشيدي في غُرْبتي ولحوني! ... يا حديثي في وحدتي وسميري!
أيّ أشباحِيَ الدّوامي أناغي ... في الّليالي وفي رُقادي النفور
تضحكُ الأرض والعوالمَ حولي ... وأنا في مواجِعي وسَعيري
كم أَتتْ بي إليكِ أخْيلتي الهو ... جُ سِراعاً في زحفها والكرور
تَتخطى المَدى فلا الموج يعتا ... قُ سُراها، ولا لَهيب الهجير
بجناَحيْن من هوايَ وإشفا ... قي شد يَدْين في اختراق الأثير
يا بلادي موجي على نَغَم الهوْ ... لِ وغَنِّي وسْط الدّم المهدور