للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وروده من بطون الكتب المطبوعة والمخطوطة ثم شرح التعبير من الناحية اللغوية وفحص عنه في كتب الحديث والتأليف الدينية، ثم دل عل أن من يكتب في مكارم الأخلاق إنما يجري إلى إكبار الفضائل الإسلامية وإغراء الناس بالإقبال عليه اقتداءً بالرسول. وذكر آراء المتكلمين في مكارم الأخلاق، وعرض لآراء المصنفين من كتاب العرب المستقلين عن الطرائق الكلامية والمذاهب الدينية. ثم آراء المنشئين فالمتصوفة. وقد عقد المؤلف فصلاً في علاقة مكارم الأخلاق بالفتوة والمروءة ثم اتصال مكارم الأخلاق بالجاهلية، وخرج من مبحثه بأم مكارم الأخلاق تعبير - في أول أمره على الأقل - أجنبي عن علم الأخلاق المنحدر من الحكمة اليونانية وعن علم السلوك النظري.

ومبحث آخر عن المروءة يدلك على استقامة الدراسة بالتدقيق العلمي. في هذا المبحث يبين المؤلف أن المروءة مدلول للفظ قالت فيه العلماء بالتقريب والاحتمال. ثم ذهب إلى أن في تعريفات المروءة جانبين متضادين كلاهما معقود بالآخر: الأول حسي ينحدر من زمن الجاهلية، والثاني معنوي مصدره الإسلام. ثم تتبع معنى المروءة في الجاهلية ومطلع الإسلام وعهد الخلفاء الراشدين وعهد بني أمية، ثم طلبها عند أهل اللغة حتى في اللهجة الأندلسية وفي لغة العامة لهذا العهد. وانتهى المؤلف إلى أن المروءة أفلتت من المادة لتصير من الكلم الروامز. وقد جاء كلامه في هذا مناقضاً لآراء المستشرقين بأدلة فلسفية ولغوية مستقيمة.

أما مبحثه في التفرد والتماسك عند العرب، ومبحثه في البناء الاجتماعي عند عرب الجاهلية؛ فكلاهما دراسة اجتماعية على أساس صحيح. وقد دفع في الأول أقوال المستشرقين عن التفرد إذ أثبت من طريق الاستشهاد بالشعر والأخبار المتواترة أن العرب كانوا قوماً متماسكين. وبين في الثاني تضارب الألفاظ الدالة على بناء العرب الاجتماعي بحيث يتعذر الفصل في كيفية تكون الجماعة وانتظام الأسرة، وإن تميزت هذه من تلك.

وأما مباحثه في اللغة فقد دلَّ كيف يكون التنقيب عن معاني الألفاظ، بتعقبها في أطوارها المختلفة. من ذلك تعقبه لمدلولات لفظة الشرف وردها إلى أصولها بالاستناد إلى النصوص الجلية. ومما أظهره أن لفظة الشرف خرجت في الجاهلية من الحسيات إلى المعنويات حتى إذا طلع الإسلام أدرج فيها قيماً خاصة به.

<<  <  ج:
ص:  >  >>