للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أما تلك الرموز التي سبقنا إليها الأوربيون؛ فقد تصرف المؤلف في وضعها، ثم زاد عليها الكثير من عنده فوضع علامة لاسم الكتاب حتى نفرق بينه وبين سائر الكلام لنقص الحرف المائل في طباعتنا، وهو المستعمل في مثل هذا الموضع في اللغات الإفرنجية. ثم وضع رمز شاهد (على شكل هرمي) بدلاً من الصليب الذي يضعه الإفرنج للدلالة على الوفاة. ثم ي=وما يلي ذلك، ك ك=الكتاب المذكور قبل للمؤلف، ن=المؤلف نفسه، ذ=الكتاب ذاته. وإني لا أريد القول بأن ما وضعه المؤلف يجب أن يؤخذ به أخذاً، بل أرى أن يلتفت إلى ما وضعه فينظر فيه إن كان يحتاج إلى مراجعة حتى نبني عليه للمستقبل. على أني أسأل المؤلف أن يدون الرموز في الطبعة الثانية على ترتيب ما، نحو الترتيب الأبجدي؛ وأملي أن يتم وضع الرموز والعلامات اللازمة للتأليف العلمي حتى نظفر بدستور يلجأ إليه الباحث والعالم.

هذا وقد سلك المؤلف في كتابه مسلكاً علمياً صحيحاً وسار على المنهج الذي وضعه لنفسه، وهذا المنهج على قوله في تصدير الكتاب (الاعتماد على المشاهدة دون الفرض، والتحقيق دون التخيّل، والموضوعية دون الذاتية، وإقامة الدليل دون القناعة بالمقبولات والمسلّمات، ثم الذهاب من المركب إلى البسيط، ومن الخاص إلى العام؛ مع تسليط النقد النافذ - من جانبيه الخارجي والباطني - على الواقعات، من حيث إنها أشياء طبيعية مبذولة للحس، لا أمثال عالية ولا معانٍ منتزعة من المحسوسات مجردة في الذهن أموراً كلية عامة؛ ومع نبذ التشيع للآراء من مرتجلة وقبلية، فلا إيثار هوىً ولا تعصب لأحد على أحد؛ ومع رد تلك الواقعات إلى مصادرها من طريق الوصف المباشر أو الاستشهاد بالنصوص الصريحة حتى لا يرسل الكلام فيضيع حظه من التثبت؛ ومع التحري في البحث سعياً في الدنو من الحقيقة بفضل المنطق بالعرض البين والسلك المتصل والاستدلال القويم والنظر الصادق على غير استكراهٍ ولا تحكم ولا مكابرة؛ ومع إثبات ما أتى به العلماء العاملون من قبل بالاستناد إليهم أو الاعتراف بجهدهم خروجاً من ظِنَّة التلصص والسطو).

وبكل ما تقدم يبذل لك المؤلف دراسة فلسفية اجتماعية بذهن مجرد عن التشيع للآراء المرتجلة والمعاني المتوهمة مما يجدر بطلبة التعليم العالي أن يلتفتوا إليه. ويبذل لك أيضاً مباحث في اللغة وتاريخ الألفاظ واستخراج الاصطلاحات مما يهم المشتغلين باللغة وفي

<<  <  ج:
ص:  >  >>