منقولاً في المجلة الإنجليزية (العصر الحي) عن الكاتب الفرنسي هنري بلامي يتناول فيه مجمع فرنسا المشهور وأساليب اختيار الأربعين الخالدين من أعضائه، فإذا هي حال لا نتمنى تكرارها في بلادنا على فرط الحاجة فيها إلى التشجيع والإغضاء عن بعض العيوب.
وحسبك من تلخيص هذه الحالة أن تعرف أسماء الذين استثناهم المجمع من زمرة الأدباء النابهين وبينهم أمثال: موليير، وروسو، وديدرو، وميرابو، وأندريه شنييه، وستندال، وفلوبير، وجوبتيه، وبودلير، وميشليه، وفرلين، وملارميه
وفي وسعنا أن نضيف إليهم ديكارت، ومالبرانش، وباسكال وبومارشيه، وهلباخ، وزولا، وموباسان وغيرهم من أدباء هذه الطبقة الذين عرفهم العالم بأسره ولم يعرفهم المجمع الأدبي في بلادهم!
حسبك من تلخيص تلك الحالة أن تعرف أسماء هؤلاء وأشباه هؤلاء، بعد أن مضت ثلاثة قرون على نشأة ذلك المجمع في عهد الكاردينال ريشيليه، فماذا أغنى وجود المجمع واعتراف الدولة به إنصاف ذوي العقول والقرائح والأقلام؟
نعم إن أصحابنا الخالدين قد اعترفوا بأقدار فولتير، ولافونتين ورينان، وأناتول فرانس، وأناس من طرازهم تفتخر بهم الآداب الفرنسية والآداب العالمية. . .
ولكن متى اعترفوا بأقدار أولئك الأقطاب الأفذاذ؟ إنهم لم يعترفوا بهم إلا بعد أن اعترف بهم (رجل الشارع) كما يقولون، وشاع ذكرهم في الأقطار الغربية والشرقية، فلم يكن للخالدين فضل على غير الخالدين في تقويم القيم وتصحيح الموازين
فإذا كانت مجامع الدولة على منوال الأكاديمية فرانسيز تجهل من جهلت وتنسى من نسيت وتنكر من أنكرت، ثم ننظر إلى من شهدت لهم بالفضل فإذا هم مشهود لهم بفضلهم قبل أن يصلوا إلى عتباتها، فما أغنى بني الإنسان وأغنى أصحاب القرائح والأذهان عن ذلك المقياس وذلك الميزان! وما أولانا أن نرجع إلى (الأصل) وأن نكتفي به دون ماعداه، إذا كان الأصل هو رأي القراء والتبع اللاحق به هو رأي الخالدين من أولئك الأعضاء الأجلاء!
قد يقال إن الكتاب والشعراء يستفيدون الجوائز التي توزعها الدولة على أصحاب الآثار