أما كيف كان ذلك فيروي أن أميرة صينية اقترنت بأمير هندي في ذات التاريخ الذي عرفت فيه اليابان سر الحرير (القرن الثالث)؛ وحملت هذه الأميرة بعض دود الحرير إلى حيث مقامها مع بعلها، هناك ألقت إلى الناس بالسر الذي تكتمت عليه مملكتها أشد التكتم؛ ثم ازدهرت تجارته بعد ذلك بالهند.
دخوله القسطنطينية
في القرن السادس دخل راهبان كانا قد قضيا حقبة من العمر في الصين خبرا خلالها الحرير، بيزنطة (القسطنطينية) وأفضيا إلى إمبراطورها (جستنيان) بما يعلمان عن الحرير. فطلب إليهما أن يشدا رحالهما ثانية إلى الصين، ويحملا إليه بعد ذلك ما اتصل بما أسراه إليه عن الحرير مجزلاً لهما العطاء مسرفاً في الوعود والمنح. فامتثلا وقفلا راجعين إلى الصين وهناك تمكنا من تخبئة كمية من بيض دود الحرير في عصا مجوفة، وارتدا إلى الإمبراطور.
ولو قد استشفا ببصيرتهما الحجب، وعلما ما كمن في سطور الغيب لرأيا أن هذه العصا التي يحملانها ستكون سبباً في سعود نجم تجار كثيرين، وأن العالم الأوربي الآن وقد مضى على حمل هذه العصا أربعة عشر قرناً تأسست تجارته في الحرير على محتويات هذه العصا.
وانتعش الحرير في فرنسا كثيراً واتخذته العائلات المالكة هواية لها وكذلك الأشراف، بل وكانت الألقاب السامية تمنح لمن أفلح في إنتاج الحرير حتى إذا ما وافى القرن السابع عشر كانت فرنسا عن بكرة أبيها قد أجادته تماماً
ولقد كانت إنجلترا على النقيض من ذلك لم تلق بالاً إلى الحرير على رغم أن جوها يصلح لتربية الدود ويصلح لشجر التوت، بل وملكها جيمس الأول يحث الناس ويشجعهم على العمل في إنتاجه والاتجار به. ولكن الناس كانوا عن أمر الحرير غافلين وفضلوا أن يستمروا في تربية الخنازير والعمل على تسمينها واستخراج البيرة
ولكن كان لإنجلترا في الهند خير عزاء إذ أن الحرير بالهند والظروف المهيأة لنمو الدود