للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

تعمقنا نحن معاشر الأوربيين

ومع الأسف لم يكن في وسعنا أن نتمادى في هذه الأبحاث الطريفة فإن سبنسر لم يكن يسمح له بإطالة الحديث بالنسبة لمرضه. غير أني في أثناء عودتنا إلى المحطة سألت المفتي سؤالاً دقيقاً: أعتقد أن الله يعلم أنك موجود وأني موجود، أو لا تعتقد أن هذا العلم هو شخصيته؟

- إنه يعلم

- أو لا تعتقد أنه يعلم بالطيب والخبيث؟

- إنه يعلم وأنه يسر بالطيب ويستاء من الخبيث؟

- أجل

ومن سوء الحظ أن الوقت لم يتسع لنناقش سبنسر ونقف على رأيه في هذا الأمر وإن أمكن أن نلمح بريقاً خاطفاً من تفكيره في الموضوع

أما النساء اللواتي عرفتهن في صحبته، فما يزلن يلازمنه من سنوات أربع. وقد وقفت منهن على معلومات طريفة عن حياته الخاصة، وأكثرهن علاقة به امرأة صماء. وليس لديها صديق، ولم يزره أحد من شهر إبريل الماضي سوى ثلاثة أو أربعة أصدقاء، ولكن صحته بدأت تتحسن، وشرع يستعيد بعض نشاطه، وأمكنه أن يقضي الصيف قرب (تل ليف) وأن يخرج برفقتهن إلى نزهات خلوية، وكان يجد سروراً مضاعفاً من رؤية الزهور والطيور، وهو الآن يجالسهن ويلاعبهن الشطرنج والضامة.

وتعميماً للفائدة نثبت هنا ما كتبه الشيخ رشيد رضا في تاريخه عن الإمام محمد عبده ومقابلته للفيلسوف سبنسر ليمكن المقارنة بين ما سجله بلنت وبين ما دونه رشيد رضا:

(قلنا إنه في سفره الأخير إلى إنجلترا عام ١٩٠٣ زار الفيلسوف سبنسر، وكان ذلك في ١٠ أغسطس. وكان الفيلسوف مصطافاً في برايتون من جنوب إنكلترا وقد نهاه الأطباء عن كثرة مقابلة الناس، وعن الحديث مع أحد أكثر من عشر دقائق لمرضه مع شيخوخته، ولكنه سر من حديث الأستاذ الإمام، ودعاه إلى الغداء معه، وأطال الحديث إليه في فلسفة الدين والأخلاق والأفكار والمادية وسياسة أوربا

وأنني أذكر ملخص ما حدثنا به أستاذنا من ذلك وأرمز إلى سبنسر بحرف (ف) المقتطعة

<<  <  ج:
ص:  >  >>