تغدى المفتي معنا في الحديقة، تحت شجر الغاب الإفرنجي، وهو متألم لوفاة عالم من علماء الأزهر وخصوصاً أن الخديو مصمم على أن يحدث متاعب لخلفه. وعندما نتكلم على الخديو ينعته بقوله (رجلنا الصغير)!
ومن أحاديثه: أن الخديو منهمك الآن في الأعمال المالية، والتجارية، إلى حد أن كرومر خيره بين أن يظل خديوياً محترماً وبين أن يكون تاجراً محترفاً. وهذا حق، وخصوصاً أن بعض أفراد أسرة محمد علي يحبون المال حباً جماً.
١٣ إبريل ١٩٠٥
في حديث اليوم مع الشيخ عبده تفضل وأخبرنا بقصة طريفة لا بأس من إيرادها: ففي أثناء نفيه إلى بيروت عام ١٨٨٣ حدث أن كان قسيس مقيماً في إنجلترا اسمه اسحق تيلور يقوم بدعاية واسعة النطاق الغرض منها توحيد الإسلام والنصرانية على أساس فكرة التوحيد الموجودة في الإسلام والشائعة عند الكنيسة الإنجليكية. وكان هناك شخص إيراني من أتباعه اسمه ميرزا بكر يشايعه في فكرته. وقد تمكن من التأثير في الشيخ عبده، وفي طائفة من علماء دمشق، فكتبوا إلى القس تيلور في الموضوع. وما إن وصل الكتاب إلى القس حتى فرح به ونشره مستعيناً به على صحة دعواه، إلا أن السلطان عبد الحميد كلف سفيره في لندن أن يستقصي حقيقة الموضوع ويقف على أسماء موقعي الكتاب، فقابل القس وحصل منه على هذه الأسماء؛ وقد أحاق بهؤلاء العلماء فيما بعد عذاب أليم وقرر السلطان إبعادهم عن الديار السورية. . . ويقول الشيخ عبده إن السر في غضب السلطان أنه خشي أن يعتنق الإنجليز الإسلام، ثم يطلبوا أن يكونوا أصحاب الدولة في الإسلام وتكون الملكة فيكتوريا ملكة المسلمين. . . ويذهب السلطان من السلطان. . . وسبحان مدبر العقول
١٩ فبراير ١٩٠٥
عاد الشيخ عبده من السودان وأطلعني على تفاصيل زيارته وأنه مغتبط بما رآه وشاهده، فالحكومة هناك أحسن إدارة منها في مصر، والأهالي قانعون حتى عن مسألة النخاسة، والدراسة في كلية غردون على أساس معقول موافق
وعنده أن قانون العقوبات السوداني أسهل وأحسن من القانون المصري، وأن السردار يحكم