للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

إن الأمم العربية والإسلامية لم تضعف حيويتها إلا حين عدمت الأريحية وزهدت في مدائح الأدباء والشعراء

وهل تستطيع حكومة في هذه الأيام أن تعيش بلا سناد من تشجيع الكتاب والخطباء والصحفيين؟

وهل قامت حكومة أو سقطت حكومة إلا بفضل أسنّة الأقلام؟

إن الأقلام تصنع في مصير العالم مالا تصنع جيوش البر والبحر والهواء

وكلمة (مأجور) كلمة ابتدعها أحمد أمين، وما كان (الأجر) عيباً إلا في نظر هذا الناسك المتبتل، فقد كان (الأجر) من قبله كلمة شريفة أقرها القرآن المجيد

ومن الله ألتمس (الأجر) على تصحيح ما وقع فيه هذا الصديق من أغلاط

وما رأي صاحبنا في هتلر وموسوليني وهما يُرهبان العالم بالأقوال قبل الأفعال؟

ما رأيه إذا علم أن هتلر يهمه أن يكون لأقواله ومؤلفاته قيمة مادية؟

بل ما رأيه إذا علم أن العراك حول مشيخة الأزهر له أسباب دنيويه؟

ما رأيه إذا علم أن (البابا) يجتذب مريديه بثمرات النخيل والأعناب؟

ما رأيه إذا علم أن الغض من قيمة المعدة ليس إلا رهبانية نهى عنها الإسلام؟

ما رأيه إذا عرف أن من يحتقرون الأمعاء كانوا كتبوا مرة أو مرتين في تأثير (الهضم) على العقول؟

نحن لا نريد مؤرخاً للأدب يفهم الدنيا بالمقلوب، وإنما نريد مؤرخاً يفهم أن الأدب صورة الحياة، ويعرف أن شعر ابن الرومي في وصف (الرقاق) لا يقل شرفاً عن شعر ابن المعتز في وصف (مداهن الطّيب) لأن الشاعر لا يطالب بغير إجادة الوصف لما تراه العيون، وما تحسه القلوب

نريد مؤرخاً للأدب يدرك أن من حق الأديب أن يصف ما يرى ويسمع.

نريد مؤرخاً للأدب يدرك الفروق بين الأشياء، ويتأثر بجميع المناظر، ويطرب لجميع ما في الوجود، ويتابع النبرات الموسيقية في نقيق الضفادع، على نحو ما يصنع وهو يتسمع لأسجاع الحمائم. وذلك يوجب أن يكون رجلاً له ذوق وإحساس

نريد مؤرخاً للأديب يغلل أسباب الحسن وأسباب القبح مع العطف على جميع مظاهر

<<  <  ج:
ص:  >  >>