تعسُ الحظ وهل أتعس من ... شاعر في أمة محتَضَرة؟
يقرأ الناظر في مقلته ... ثورة ظاهرة مستتره
ما يراه الناس إلا واقفاً ... في مغاني قومه المندثره
حائراً كالريح في أطلالها ... باكياً كالسحب المنهمره
وهي في أهوائها لاهية ... وكذاك الأمة المستهتره
ما رأت مهجته المنفطرة ... لا ولا أدمعه المنحدره
فشكاه الشعر مما سامه ... وشكاه الليل مما سهره
ثم لما عبث الناس به ... مزق الطرس وشق المحبره
مر يوماً فرأى أشياخها ... جلسوا يبكون عند المقبره
قال: ما بالكمُ ما خطبكم ... أي كنز في الثرى أو جوهره؟
ومَن الثاوي الذي تبكونه ... قيصر أم تبّع أم عنتره؟
قال شيخ منهم محدودب ... ودموع اليأس تغشى بصره:
إن من نبكيه لو أبصره ... قيصر أبصر فيه قيصره
كيف يا جاهل لا تعرفه ... وحداة العيس تروي خبره
هو مَلْك كان فينا ومضى ... فمضت أيامنا المزدهره
ولبثنا بعده في ظُلَم ... داجيات فوقنا معتكره
والذي كان بنا (معرفة) ... لصروف الدهر أمسى نكره
فانتهى التاج إلى معتسف ... لم يزل بالتاج حتى نثره
كل ما تصبو إليه نفسه ... مُعْصر أو خمرة معتصره
مستهين بالليالي وبنا ... مستعين بالطغام الفجره
كلما جاء إليه خائن ... واشياً قرّبه واستوزره
فإذا جاء إليه ناصح ... شك في نياته فانتهره
مستبد باذل في لحظه ... ما ادّخرناه له وادخره
يهب المرء وما يملكه ... وعلى الموهوب أن يستغفره
هزأ الشاعر منهم قائلاً: ... بلغ السوس أصول الشجره