للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وحدها الأمر في خطواته، وهي وحدها التي تأذن له بالتقدم، وتشير عليه بالتريث، وتميد به ذات الشمال وتميل به ذات اليمين

ولعل واحداً من علماء النفس الطبيعيين يتواضع ويسألنا عما يمكن أن يسلكه علم النفس من السبل التي قد تصل به إلى العلم الصحيح والتي لا تقف به عند الباب موقف التجسس المريب. هذا ندعوه إلينا، أو نتطفل عليه فنأتمّ به ونرجوه أن يقودنا بعلمه وأجهزته ونحن من ورائه تابعون، ولكن متيقظون

سنسأله أول ما نسأله: أين هي النفس؟ فإننا لا نستطيع أن نتجه إلى شيء من غير أن نعرف مكانه

وهو عندئذ سيقول: النفس في الإنسان وفي الحيوان

. . . فهو رجل طيب متواضع يعترف للحيوان بالنفس بينما غيره من العلماء يجهده هذا الاعتراف، ولا شك أن حظنا السعيد هو الذي هدانا إلى هذا العالم الطيب المتواضع، فعلينا إذن أن نشكره كل الشكر لأنه لم يترفع بجنسه على الحيوان، ثم أن علينا بعد ذلك أن نمضي في البحث عن العلم فنوجه إليه السؤال الجديد

- أليس هناك فرق بين نفس الإنسان ونفس الحيوان؟

وهنا سيطرق أستاذنا قليلاً ثم يقول:

- إن هناك فرقاً من غير شك. فالإنسان عاقل والحيوان غير عاقل. . . ونحن نفرح بالحق، فلا نملك إلا أن نعترف لأستاذنا بأن ما يقوله صحيح، ولكننا ملحون نريد أن نمضي في الطريق ما دمنا نستطيع أن نمضي فيه، فنخطو وراء أستاذنا خطوة جديدة لنقف به أمام سؤال جديد فنقول له:

- إن الطبيعة حين تودع كائناً ما قوة من القوى فإنها تقصد من هذا أن ينتفع هذا الكائن بهذه القوة، والذي لا شك فيه هو أن الإنسان انتفع في حياته بعقله، ولكننا لا نشك أيضاً في أن هذا العقل يلتوي على الإنسان في كثير من الأحوال فيضره بل إنه يبسط أذاه على الآخرين، كما أنه يحار أحياناً في تصريف أمور صاحبه فيرتبك ويضطرب ويصيب أحياناً ويفشل أحياناً، بينما نرى الحيوان يقضي طول حياته لا يؤذي نفسه، ولا يلحق الضرر بفصيلته، ولا يعجز عن حفظ حياته، ولا يضطرب ولا يرتبك إلا عندما يدهمه ظرف

<<  <  ج:
ص:  >  >>