العموم بنا، ونكتسب أمنية الحكومات الأجنبية. ومتى رأت منا تلك الحكومات الكفاءة لتنفيذ تعهداتنا بحسن إخلاص بدون مساعدتها. فنتخلص شيئاً فشيئاً مما نحن فيه).
بهذه الكلمة مهد شريف لخطته فيما يتعلق بلائحة المجلس، أو ما نسميه نحن دستوره، وعلى الأخص فيما يتعلق بالميزانية. ثم جاءت اللائحة تنص على أن:(لمجلس النواب أن ينظر في الميزانية ويبحث فيها، وتعتمد بعد إقراره عليها وعلى رئيس المجلس أن يبلغ ذلك إلى ناظر المالية لغاية اليوم العشرين من شهر ديسمبر بالأكثر).
(ولا يجوز للمجلس أن ينظر في دفعيات الويركو المقرر للأستانة أو للدين العمومي، أو فيما التزمت به الحكومة في أمر الدين بناء على لائحة التصفية أو المعاهدات التي حصلت بينها وبين الحكومات الأجنبية).
هاتان هما المادتان: الثالثة والثلاثون، والرابعة والثلاثون؛ من لائحة المجلس. وبمقتضى أخراهما يحرم المجلس من النظر في نحو نصف الميزانية، لأن هذه الأبواب المستثناة من الميزانية كانت تقرب من نصفها.
ولقد كان المجلس يطمع في أن ينظر في الميزانية دون أن يستثني منها شيئاً ما دام هو القيم على حقوق البلاد. ولكن الحكمة قضت عليه أن يتواضع فيقبل لائحة شريف على ما بها من نقص.
ففعل ذلك ولكنه لم يفد من حكمته وا أسفاه شيئاً. . . فقد كبر على الدولتين أن ينظر المجلس في أي جزء من الميزانية، فرمتاه بالمذكرة المشؤومة التي كان من نتائجها ما رأينا من تطرف المعتدلين وثورة المتطرفين، والتقاؤهما جميعاً، وتمسكهما بالنظر في الميزانية مهما يكن من العواقب. الأمر الذي طاح بوزارة شريف، وأحل محلها وزارة البارودي. . .
وجاءت وزارة البارودي. فلم يكن أمامها إلا طريق واحدة: هي السير وفق رغبة النواب، والرأي العام الوطني في البلاد. فخطت تلك الخطوة مستندة إلى مؤازرة الأمة لها معتمدة على حقها. فكان ما قررته في مسألة الميزانية ما يأتي:(لا يجوز للمجلس أن ينظر في دفعيات الويركو المقرر للآستانة أو الدين العمومي أو فيما التزمت به الحكومة في أمر الدين بناء على لائحة التصفية أو المعاهدات التي حصلت بينها وبين الحكومات الأجنبية)
(وترسل الميزانية إلى مجلس النواب فينظرها ويبحث فيها (بمراعاة السند السابق)، ويعين