والصبي الصغير الذي لا يفهم من الدنيا إلا أنها أكل وشرب ولعب ولهو ويقظة ونوم تراه إذا سمع لحناً أو عزفاً (رقص) معه وتابع موسيقاه وتنقل معه من نغم إلى نغم ومن مقام إلى مقام بإتقان يثير الدهشة ويبعث على العجب والحيرة عند من لا يعلمون أن الصبي لم يفعل شيئاً أكثر من أنه أسلم حواسه وأدمج خوالجه حتى نسي نفسه ونسي كل شيء يحيط به إلا هذا اللحن الذي حرك هذا الشيء الخفي الذي يجري في دمه وهو الرقص. . .!!
والمرأة والرجل، والفتاة والشاب!! ما بال الجميع عندما يسمعون (الموسيقى) التي تلائمهم وتوافق ميولهم يتمايلون برؤوسهم ويضربون الأرض بأرجلهم ويحركون أصابعهم وأيديهم في حركات منتظمة مستمرة؟؟ إنه الرقص الذي يجري مع الدم والذي تؤديه الأجهزة العصبية في حركات غير إرادية!!
(والزار) الذي يقولون عنه إنه ترضية للجن حتى تترك الأجسام أو تعفو عن أصحابها فيبرءون من أمراضهم (وكساحهم)
لو أسقطنا من حسابنا الدجاج الأبيض (أبو منقار أحمر وذيل أصفر) والخروف البني الذي لا شية فيه، والحمام اليمني الذي يرضى عن صوته الجن، والدم الذي يشربه المريض ويلوث به ملابسه وجسمه. . . لو أسقطنا من حسابنا هذا والبندق والفستق والفطير والبلح، ألا يبقى غير الطبل والرقص المنتظم تتثنى له المرأة وتنقبض وتنبسط في حركات إيقاعية سليمة؟؟
قلنا إن الرقص فن فطري نشأ مع الإنسان من يوم أن خلقه الله وقد كان قدماء المصريين يستخدمونه في لهوهم وحزنهم، وحروبهم وقرابينهم، وعبادتهم لآلهتهم لأنه كان عندهم في منزلة التقديس. . . تحترمه الكهنة وتعتقد أن الآلهة لا تقبل الصلاة ولا القرابين إلا إذا سبقها، الرقص لذلك كانوا يسمحون به ويشجعون عليه. وقد بلغ أنواعه في الدولتين القديمة والحديثة أكثر من عشرة أنواع كل منها يقوم على أساس مكين من الفن الصحيح الذي نقلته أوربا عن أوائلنا وأهم الأنواع:
١ - الرقص الجميل، وكانت تقوم به النساء شبه عاريات إلا ما يستر عورتهن وكن يحلين صدورهن ونحورهن بالحلي والأربطة، ويرتدين بعد ذلك ثوباً شفافاً طويلاً وإن كان لا يستر شيئاً إلا أنه كان يزيدهن فتنة وسحراً، وكان رقصهن رقصاً مهذباً بديعاً راقياً يمتاز