ألان قطعة من الثلج تعمل على تبريد فنجان من الشاي الساخن بوضعها فيه يسير الكون في مجموعة إلى نوع من الموت بلا رجعة؟! هذا ما يقرر العلم، فهو يقرر أن من اختلاط وتصادم مجموعتين من الأفراد، مجموعة دأبها السرعة وأخرى ديدنها البطء، تنشأ مجموعة جديدة لا هي بالسريعة وهي بالبطيئة بل لمجموعة أفرادها سرعة متوسطة واقعة بين سرعة المجموعتين
أود أن يستشعر القارئ أنه إذا كانت المشاهدات تدل على هذا التعادل في الحركة أي هذا التساوي في الحرارة، وإذا كانت الرياضة والمنطق يحتمان هذا النوع من التعادل نتيجة لحساب دقيق، فإن جسيمات الكون في مجموعه مصيرها الهدوء وأن الكون مصيره الموت الحراري. أما أن نقرر أن الحياة مصيرها فناء بلا عودة فهذا أمر آخر لا نستطيع في سهولة أن نقبله أو أن نساير العلماء فيه
أجل إنما أردنا أن ندل القارئ على طرائق التفكير الحديث، كيف نتسلسل المسائل، وكيف يرتبط بعضها ببعض، وكيف يتعلق المعقد منها على البسيط، وكيف يقسمون الظواهر في منطق العلم إلى ظواهر حتمية وأخرى احتمالية، وكيف يفرق القارئ بين الظواهر العكسية والأخرى غير العكسية، وكيف، من أبسط المعارف والمشاهدات، نجد سبيلاً للتحدث عن أروع المسائل المعلقة بعميق الفلسفة ومستقبل الكون؟
والآن ننتقل من الكلام عن الجزيء إلى الكلام عن الذرة قدمنا عند الكلام عن الجزيء أن فكرة تقسيم المادة إلى جزيئات لم تكن حاصل المشاهدات المباشرة بقدر ما كانت حاصل البحث العلمي العميق والوسائل الطبيعية الدقيقة. لئن تكن المادة منفصلة غر متصلة، أو بعبارة علمية لئن تكن مكونة من جزيئات منفصلة ومستقلة فهذا أمر لم نكن نعرفه بداهة أو مشاهدة، وإنما كان لدراستنا للتطورات الحرارية أكبر الأثر في معرفته
كذلك لا يمكن بالعين المجردة أن نُقيم الدليل على تقسيم الجزيء إلى ذرات. وكما أن نظرية الجزيئات والاستدلال عليها جاء عن طريق العمليات الحرارية كذلك صادفت النظرية الذرية أي تقسيم الجزيء إلى ذرات مستقلة نجاحها في العمليات الكيميائية
ففي هذا العلم - الكيمياء - شبت النظرية الذرية وترعرعت، ولقد كان ذلك في بادئ الأمر