المدرسة تمنع الانتقام من أساتيذها، وكان له صديق من العائلة المالكة، أخلص له وأحله من نفسه محلاً رفيعاً، فأخبره بما عزم عليه وطلب منه أن يشهد الانتحار
وللانتحار في اليابان طرائق وتقاليد. فالرجل الذي يريد قتل نفسه يطعن صدره إلى جانب القلب بخنجر حاد، فإذا تدفق الدم تقدّم منه صديق مخلص له ممن أوتوا النبل والشرف، فيضرب عنقه أمام المذبح بين روائح البخور الشذىّ
وطلب (نوجي) من الأمير أن يضرب عنقه إذا طعن صدره؛ وكان الأمير ذا شأن وسلطان فمنعه عن الانتحار. وكان مما حدّثه به يومئذ:(عش لليابان يا صديقي. . . فما ينبغي لك أن تقتل نفسك ووطننا بائس يعوزه الشباب. لقد أهنت وعليك أن تموت، ولكني أقبل الإهانة، أنا الأمير ابن الآلهة، لنفسي وما عليك بعد ذلك. ابق يا صديقي وعش لليابان!)
وصدع نوجي بالأمر. وتصرمت أعوام فأضحى الأمير إمبراطوراً وأصبح (نوجي) أعظم قائد عرفته اليابان الفتاة، فيشتهر بالمغامرة والبطولة ويذيع صيته ويتردد على الأفواه اسمه وتستفيض شهرته ويدحر جيوش الروسيا ويكسب المعارك ويصبح المثل الأعلى للفتيان
وظلت الإهانة عالقة بالإمبراطور طوال حياته. . . ولا بأس عليه منها وهو ابن الآلهة التي تغفر لمن تشاء، وتعذب من تشاء وترضى عمن تشاء، فلما قضى الميكادو نحبه عادت الإهانة إلى (نوجي) فلم يطق العيش ذليلاً. . . فأمر أن تشعل الشموع، وأن يحرق البخور، وجثا تحت قدمي الإله، وأغمد الخنجر في قلبه على مهل، فتدفق دمه الفوار. . . وتقدم صديق له فضرب عنقه، وهو يبتسم راضياً مطمئناً؛ فقد أنقذ الشرف، وابتعد عن العار.
ومات (نوجي) بعد أن تخطى الستين من العمر، رضي البال مثلوج الفؤاد لأن ذلك أدعى لطيب الذكر، وخلود الاسم