جاذبية ولا ضوء ولا حرارة مرتفعة الدرجة الخ. وبطبيعة الحال لا حياة على الأرض ولا على غيرها بل إن الحياة تكون قد اندثرت من الكون قبل ذلك بملايين وملايين السنين لزوال أسبابها وعدم توفر شروطها وعواملها، وما هي إلا حلقة من تطورات الطاقة تنتج من تحول الطاقة الكيميائية الناتجة من احتراق المواد الغذائية داخل الأنسجة إلى طاقة ميكانيكية كحركة الجسم وحركة أعضائه الداخلية وتفاعلاته الكيميائية البيولوجية وفي النهاية إلى حرارة شأن جميع صور الطاقة أثناء تحولها في الطبيعة
فعاودني حين قرأت هذه الصورة المقبضة لنهاية الكون اعتراض قديم قام في ذهني حين سمعت هذا الرأي لأول مرة فيما مضى عند درس الطاقة البيولوجية، وقد أشار فعلاً إلى هذه النهاية المحزنة أستاذي العالم الفسيولوجي الكبير المأسوف عليه (داستر) في دروسه بالسوربون وفي كتابه النفيس (الحياة والموت)
وإني أطرح هنا هذا الاعتراض على الدكتور غالي لأستقي من بحر علمه الواسع راجياً منه أن يتحفنا بكلمة في هذا الموضوع من كلماته الفياضة تروي غليلي.
أقول إنه لو كانت نهاية الكون هذه تحدث للأسباب المذكورة لحدثت من زمن. ذلك لأنه لو فرضنا أنه يلزم مثلاً مليار أو أكثر من السنين لتحول جميع صور الطاقة العليا في الكون إلى حرارة غير مرتفعة الدرجة لتم ذلك من زمن بعيد لأن المادة (أو مجموعة المادة والطاقة) قديمة، ولأنه مضى على الكون أضعاف أضعاف أضعاف هذه المدة. وهل يمكن أن يتصور العقل أن للكون بداية؟ أليس هذا مخالفاً لأبسط الحقائق العلمية وللنواميس الطبيعية الأساسية، وعلى الأخص لناموسي بقاء المادة وبقاء الطاقة وعدم تلاشيهما؟ فَكل من المادة والطاقة ثابت لا تخلق منه ولا تنعدم منه ذرة واحدة، وإن كانت صورهما في تحول مستمر من الواحدة إلى الأخرى. وإذا كان العلم الحديث أوشك أن يوحد بين المادة والطاقة فيمكن أن يقال إن مجموعهما ثابت لا يخلق منه شيء، ولا ينعدم منه شيء.
وبالجملة فإنه إذا كانت تلك الأسباب (انحطاط صورة الطاقة العليا وتحولها شيئاً فشيئاً إلى حرارة منخفضة الدرجة) من شأنها أن تقضي على الكون بالسكون التام المطلق لحدث ذلك من قديم الزمان
فإذا صح هذا الاعتراض ألا تكون النتيجة الطبيعية المنطقية أن هناك إذا عوامل أخرى