للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(إن الأزهر بحكم تاريخه وتقاليده وواجباته الدينية بيئة محافظة تمثل العهد القديم والتفكير القديم أكثر مما تمثل العهد الحديث والتفكير الحديث. . .) (الصفحة ٩١).

ثم نراه يضيف إلى ذلك ما يلي:

(شيء آخر لابد من التفكير فيه والطب له؛ وهو أن هذا التفكير الأزهري القديم قد يجعل من العسير على الجيل الأزهري الحاضر إساغة الوطنية والقومية بمعناها الأوربي الحديث. . .) (الصفحة ٩٢).

وفي الأخير عندما ينتقل إلى بحث المنافسة القائمة بين الأزهر وبين الجامعة لا يتحرج المؤلف من إبداء رأي يناقض رأيه الأول مناقضة صريحة إذ يقول:

(يقتضي أن يعدل الأزهر عدولاً تاماً عما دأب عليه من الانحياز إلى نفسه والعكوف عليها والانقطاع عن الحياة العامة. وقد يقال: إن الأزهر قد أخذ يترك هذه السيرة ويتصل بالحياة العامة ويأخذ بحظوظ حسنة من الثقافات الحديثة على اختلافها. وهذا صحيح في ظاهره، لكنه في حقيقة الأمر غير صحيح. فالأزهر مازال منحازاً إلى نفسه متمسكاً بهذا الانحياز حريصاً عليه. . .) (الصفحة ٤٧٥).

أنا لا أود أن أبدي رأياً في الأزهر في هذا المقام؛ غير أني أريد أن ألفت الأنظار إلى الاختلافات الموجودة بين هذه الآراء التي صدرت من قلم واحد في موضوع واحد في كتاب واحد!

غير أن هناك شيئاً أغرب من كل ذلك أيضاً: فإن المؤلف لا يكتفي بالبرهنة على عدم وجود فرق جوهري بين العقل المصري والعقل الأوربي، بل يحاول أن يبرهن على أن مصر ليست جزءاً من الشرق، ويسير بين سلسلة آراء وملاحظات - يكتنفها الغموض والتضارب من كل الجهات - ويلوم الأوربيين الذين يقولون إن مصر جزء من الشرق، وأن المصريين فريق من الشرقيين؛ ثم يقول:

(إن من السخف الذي ليس بعده سخف اعتبار مصر جزءاً من الشرق). . . (ص ١٨).

غير أنه لا يلبث أن يتناسى قوله هذا، ويدخل المصريين في عداد الشرقيين، في عشرات المواضع من الكتاب. . . لا أرى حاجة في هذا المقام - لتعدادها، فأكتفي بذكر ما يقوله المؤلف في هذا الشأن في أواخر الكتاب، عندما يشرح اقتراحه في صدد فتح مدارس

<<  <  ج:
ص:  >  >>