إذا اعتلى جوّا فسرعان ما ... يحطه إعياؤه القاهر
وهو لجوج النفس في صدره ... منها جوى ملتهب ناشر
يذهبُ فيها يومَهُ هائماً ... وقلبُه تحت الدجى ساهر
مرتقب في الدوح أن ينقضي ... الليل ويأتي السحَر الباكر
حتى يراها وجهها مشرق ... كما يطل الملك الظافر
ومرت الأيام لا تأتلي ... والحب نبت مخصب كاثر
فاستشعر اليأس أَلا إنه ... مستضعف ليس له ناصر
لا الروض يسليه ولا حوله ... من الطيور الصادح الصافر
ولا نجوم الليل إما رنت ... ولا النسيم الخافق العاطر
ما الروض والطير وما زهرة ... بها تحلَّى الغصُن الزاهر
سوى مثيرات الجوى فالمنى ... هناك نور فاتن سافر
ذاك حياة النفس معبودها ... وحبها الأول والآخر
جاء إلى الجدول يوماً لكي ... يطفئ ظمئاً وقْدُه ساعر
إذا به في الماء يجلي له ... وجه نقي وادع طاهر
الشمس جاءته بلا موعد ... زائرة يا حبذا الزائر
فاختلط المفتون في عقله ... كأنما طالعه ساجر
وكاد أن يخذله قلبه ... وطاش مما أبصر الناظر
حتى إذا ثاب إلى رشده ... والحسن ناه والهوى آمر
خالسها القبلة في نغبة ... أسكره معسولها القاطر
لكنها غابت سريعاً وقد ... قام سحاب دونها ساتر
تحجّبت عنه ولمَّا قضى ... ما يننويه قلبه الشاكر
كأنها غضبى زوت وجهها ... عنه فأودى جدُّه العاثر
هل قّصر العاشق في عشقه ... فكل تقصير له عاذر
إن كان ضعفاً فله راحم ... أو كان ذنباً فله غافر
وحينما طاح به بؤسه ... والجسم منهوك القوى خائر