وقد دافعت مرات عن هذا المجمع بمقالات شتى لي في (البلاغ) وفي المجالس وفي لجان شهدت اجتماعها وسمعت فيها حملات شديدة عليه، فلست أتهم باللدد في خصومته حين أتساءل عن هذا المجمع ماذا تراه يصنع. . . إن كل ما أراه يصنعه هو إجازة صيغ لا يحتاج جوازها إلى إذن خاص منه، ووضع ألفاظ لمصطلحات العلوم والفنون سبقه الكتاب والمترجمون والمعلمون إلى خيرها ولا خير في باقيها، ونشر مجلة لا انتفاع لأحد بها، وطبع معجم الدكتور فيشر أو هو يطبعه ولا فضل للمجمع في هذا. وقد سألت مرة أحد أعضاء المجمع عن هذا المعجم هل اطلعتم عليه وراجعتموه واقتنعتم بصحته فكان الجواب السريع:(لا)
قلت ولكن المجمع ينشره فهو يعد مسئولاً عما فيه، وعسى أن يكون فيه خطأ أو اعتساف أو شطط فمن يحمل تبعة هذا غير المجمع الذي ينشره والذي يعتقد الناس - ولهم العذر - أنه أقره. فكان جواب عضو المجمع أن ترحم على الأستاذ السكندري لأنه كان هو الوحيد الذي اجترأ على الاعتراض على نشر هذا المعجم بغير مراجعة أو بحث كاف
ولست أحاول أن أغض من قدر الدكتور فيشر أو أن أنتقص من قيمة معجمه الذي يقال إنه قضى أربعين عاماً في وضعه فما اطلعت عليه - كما لم يطلع المجمع - وإنما قرأت وصفاً له في الصحف ورأيت أمثلة لما يقال إنه فيه وهي أقل وأضأل من أن تجيز لي الحكم عليه أو الذهاب فيه إلى رأي معين. وإنما ذكرت هذا الحديث على سبيل التمثيل لطريقة المجمع في العمل ومبلغ تقديره لتبعته
وقد قيل لي إن خير ما ينتظر من المجمع هو وضع معجم حديث لهذه اللغة وإن هذا عمله الأكبر؛ وقال لي غير واحد من أعضائه ومن غيرهم إنه معني بدرس اللهجات العامية في أقطار العربية مثل عنايته بوضع الألفاظ لما لا لفظ له في العربية وإن هذا وذاك بسبيل مما يجب أن يضطلع به من وضع المعجم العربي. ولكني لا أراه يضع معجماً بل أراه يطبع معجماً تاريخياً للألفاظ وضعه الدكتور فيشر المستشرق. ولا أراه يصنع شيئاً يذكر في وضع الألفاظ للجديد من المعاني والتعابير؛ ولو أراد كاتب أو مترجم أو مؤلف في علم أو فن أو أدب أن ينتظر حتى يعد له المجمع ما عسى أن يحتاج إليه لما جنى سوى طول