للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذوي الماضي المجيد، ومن دعاة الحركة الوطنية، وممن صاول وقارع البغاة المستعمرين، وممن لهم كرسي رفيع في دار المعلمين العالية

اقتضى هذا الإطراء ما أعرفه عن الدكتور من ضيق الصدر بالنقد واحتباس نفسه منه سواء أكان موجهاً إليه أم إلى غيره. واقتضاه أيضاً سوء الظن بالنقاد والارتياب بما يؤاخذون به المخطئين. ألم تلاحظوا الدكتور زكي مبارك لا يفتأ يعلن صداقته وحبه لأحمد أمين في رده عليه، وبعض الناس لا يفتئون يتهمونه بالأغراض والمقاصد، بل وأشركوا معه صاحب الرسالة؟

فليعلم الدكتور - غير معلم - أني لا أضمر له كرهاً وليس لي معه مآرب، وأن الأدباء من حسناتهم النقد النزيه، ولعل ربك يريد أن يسبغ علي بعض حسناته حين قيض لي نقد كتاب (بعث الشعر الجاهلي)

أما بعد فإن كتابك يا سيدي ناقص من عدة وجوه لزم علينا تبيانها واستقصاؤها

أولاً: إنك اقتصرت في بحثك على خمسة شعراء هم امرؤ القيس، وزهير، وعمرو بن كلثوم، والحارث، وعنترة، وتركت الآخرين مقبورين لم تبعثهم. فهل أنكرتهم وشككت في تراثهم؟ وإذا كان ذلك فأين الدليل والبرهان؟ وإذا لم يكونوا من صلب بحثك فلم سميت الكتاب (بعث الشعر الجاهلي) الذي يقتضي ألا تدع ارتياباً في شاعر جاهلي ولا شكاً فيما روي عنه من قريض. هل تعتقد أن ما أغفلته حقيقة مسلم بها لا تحتاج إلى التنويه والإشارة على الأقل؟

إن الذي يطمع أن يبعث الشعر الجاهلي يجب ألا يدع شاردة ولا واردة منه إلا استقصاها وامتحنها، وإن من النقص الفظيع أن تكتفي في بحثك بخمسة شعراء. وهل تناولت غير شرح معلقاتهم كأن لم يكن لهم من دون المعلقات قصائد وأبيات أخر تحتاج إلى التدقيق والتحقيق؟!

ثانياً: لم يخطر على بالك أن تستعرض رأياً من آراء المستشرقين واستدلالات المنقبين الأثريين مثل (نولدكه) و (جويدي) وغيرهما من الذين كانوا الأساس الذي اعتمد عليه الدكتور (طه حسين) والمنبع الذي أخذ منه في إنكار الشعر الجاهلي أو الإغراق في الشك فيه. وركنت إلى المصادر العربية القديمة دون ترو واحتراس ودون جدال ولا مناقشة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>