الجاهلي) لا (بحث في الشعر الجاهلي)، وإن الكتاب ألقي على طلاب دار المعلمين العالية ولم يلق على طلاب المتوسطات. وإني منتقد يجدر به أن يدلي إلى الدكتور بما لاحظه من نقص وإغفال ويرشده إلى طريقة البحث العلمي الصحيح لعله ينتصح ويتلافى هذه الأغلاط
ولندع ابن كلثوم والحارث ولننتقل إلى زهير وامرئ القيس
أما زهير بن أبي سلمى فإن الدكتور لا يجد صعوبة ولا مشقة في إقرار شخصيته التي تتناقلها المصادر العربية القديمة وأشعاره التي ترويها، فيحدثنا في مستهل حديثه عن زهير:(إننا لسنا بحاجة إلى إقامة الأدلة التاريخية على أن زهير بن أبى سلمى قد وجد حقيقة وقرض الشعر)(ص ٣١) ثم يقتصر (على درس معلقة زهير) ويقصد بالدرس هنا تفسير الغريب من ألفاظ المعلقة وشرح بعض المعاني فقط. ولا أظنك ترميني بالغلو إذا قلت إن الذي يريد أن يبعث الشعر الجاهلي ملزم في كلامه عن زهير أن يبحث عن نسبته إلى مزينة، وإقامته في غطفان، وكونه من أسرة معروفة بقرض الشعر؛ وحظوته عند هرم، ورأي النقاد الحديثين والرواة الأقدمين فيه، وعلاقته بالإسلام مع ذكر الأدلة والشواهد التي تقنع القارئ بصحة ما يقول. وهل يثبت ما ذكره في مستهل حديثه أن قصيدة الشاعر جاهلية وأنها لزهير وأن ليس للمنتحلين يد فيها؟ وهل يصح له أن يغفل ما يتحدث به الرواة عن زهير: أنه تنبأ بالإسلام قبل البعثة، وأنه أوصى ابنيه كعباً وبجيراً أن يسلما، وأن له شعراً فيه أصول دينية إسلامية، وأن النبي رآه فاستعاذ بالله من شيطانه فانقطع زهير عن الشعر حتى مات؟
أما حديثه عن امرئ القيس فهو غاية في الظرف والفكاهة وجهل أفهام الناس. فهو يلخص تاريخ امرئ القيس تلخيصاً خالياً من كل ما ترويه الكتب العربية من أساطير وأعاجيب لينجو من عناء المناقشة ومشقة الدحض والإثبات. ثم يستجهل القارئ معرفة غير ما يروى عن الشاعر، ثم يقول:(ولا نزاع أنه (أي تلخيصه) منسجم مطرد. . وظاهر أنه لم يكن أكذوبة من أكاذيب القصاص) (ص ١٠)