ولكنه لم ير ماوي الذي كان على شجرة مشرفة على المنزل، ثم دخل حجرة أخرى وأغلق الباب، وأخذ من بعض أركانها قدراً من ألياف مجففة من الكاكاو وأخذ قدراً من ركن آخر نحو خمسة أو ستة من فروع الموز. وكان في وسط الغرفة كتلة صغيرة من خشب صلب بوسطها تجويف
وكان ماوي يراقب باهتمام ما يفعله إله النار فوجده ينتقي فرعاً خفيفا من فروع الموز ويفتله فتلاً محكماً ويمسك بقوة أطرافه المفتولة ويحكها بقاع الفجوة التي بالكتلة الخشبية
وكان في أثناء فتله ينشد:
شجر الموز يا شجر ... أعطني منك ما استتر
جذوة منك تختفي ... خلف غض من الثمر
أعطني منك جذوة ... حية تبعث الشرر
وفي هذه الأثناء رأى ماوي الدخان وقد بدأ يتصاعد من الفرع المفتول في الفجوة، ثم زاد تصاعد الدخان، فلما رأى الإله تصاعد الدخان ألقى في النار بألياف الكاكاو. ودهش ماوي إذ رأى ناراً محرقة ساطعة
لم يضيع ماوي وقته سدىً بل أسرع بالعودة إلى العالم وأخذ ألياف الكاكاو وفروع الموز وكتلة من الخشب الصلب وبدأ يجرب العمل بذلك ليعرف هل يستطيع الحصول على النار
وقد استغرقت منه التجربة وقتاً طويلاً لأن صنع النار ليس بالعمل السهل. وستدرك ذلك إذا حاولته. ولكنه استفاد من تجاريبه علمه كيف يمسك بورقة الموز الجافة وكيف يفتلها وكيف يشتد في حكاكها بالخشب
ولما وثق ماوي من أن النار تعيش في شجر الموز وأن في وسع أي إنسان أن يحصل على جذواتها - ذهب إلى رؤساء القبيلة فأخبرهم بذلك فجاءوا إليه خلسة وراقبوا صنعه النار
ومع أن بعضهم خافوا أن يحل بهم غضب الآلهة لأنهم تعلموا هذا السر غير المباح للفانين فإن أجرأ هؤلاء الزعماء طربوا لحصولهم على هذه القوة
بعد ذلك علم الناس أن النار تكمن في الخشب، وأنها تخرج منه طوع الإرادة، وأن أحدهم يستطيع أن يصنع النار كلما أراد فينضج طعامه ويدفئ نفسه