وجعلها نهاية أمريكية، حتى لا يدخل الحزن على قلوب ضيوفه العظماء. وأما في الليلة التالية، وفيما تلاها من ليال، فقد عاد يوسف إلى النهاية المحزنة!
وهذه الحادثة أيضاً ترفع الستر عن جانب من جوانب هذه الشخصية العجيبة، وتلقي ضوءاً على سبب آخر من الأسباب التي ألبت النقاد على يوسف، وأعطتهم سلاحاً لحربه. وفي الواقع مضى يوسف في السخرية بالناس، ومهما يكن من شأن النجاح الذي ناله وحظيت به فرقة رمسيس، فقد كانت هذه المعاول الهدامة شديدة الوطأة على ذلك البنيان الحديث، ولم يقدر يوسف برغم ذكائه أثرها فيه، وتعالى على النقاد، وشمخ بأنفه، وصعر خده للصحافة، واعتبر نفسه قوة هائلة لا تتأثر بحملات كان يراها طائشة يقوم بها جماعة من الجهلاء في زعمه. ولم يرد الإفادة من هذه الأغلاط التي ارتكبها، أو العدول عن الخطة العرجاء التي سار عليها؛ وقد كان دوام النجاح، وإقبال الجماهير على مسرحه دليلاً عنده على أن حملات النقاد لا أثر لها حتى لو كانت على حق، فالحق عنده هو الواقع. ولعل الفرقة القومية لم تأخذ بنصيبها من الموعظة بعد ذلك، ولعلها إن غلقت أبوابها يوماً تذكر أنا نبهناها إليه وحذرناها منه.
كان من أغلاط يوسف إذن أن ادعى لنفسه ما ليس له وأن قام عامداً بتعديل الروايات التي أخرجها في مسرحه لتوافق مزاجه وما يراه خضوعاً لأهواء الجماهير أو الخاصة حتى لو كان ذلك حرباً على الحقيقة وقتلاً للفن، ثم استهتاره من بعد ذلك بالنقد والنقاد. ورغم خطورة هذه الأخطاء وغيرها فقد كانت حملات النقاد في بدايتها كأنها إعلانات ضخمة عن فرقة رمسيس ودعاية بلا أجر عنها، وبينما أخطأ النقاد فهم قلة أثر النقد بسبب إقبال الجماهير على مسرح رمسيس فإن يوسف أخطأ الفهم كذلك فأكثر من أغلاطه وأصر عليها وزاد في استهتاره بالنقاد
وحينئذ شحذ هؤلاء أسلحة جديدة وتدخلوا في حياة الممثل والممثلة الخاصة وأعنفوا في حملاتهم حتى خرج الأمر عن حدوده والنفوس عن أطوارها. وسرعان ما انتفت الصلة الوثيقة التي كانت، والتي يجب أن تكون، بين المؤلف والمترجم والمخرج والممثل من جهة، والناقد من جهة أخرى، وأصبح بعض الصحف ميداناً للسباب وفحش القول على حين كان يوسف ماضياً في سخريته وازدرائه - غير حاسب للعواقب حساباً - حتى يصل