وفي آخر مرة زرت فيها قسم التصوير الجوي شاهدت العمال يعدون صورة لفرع رشيد بلغ طولها بعد لصق أجزاء الصور ما لا يقل عن عشرين متراً، كلف التقاطها وطبعها القسم ٣٠٠ جنيه، إذ تتكون الصورة من ٤٠٠٠ جزء كان التقاطها بمعرفة سلاح الطيران الجوي البريطاني يكلف الحكومة المصرية أربعة آلاف جنيه.
وقد أنشئ قسم التصوير الجوي المصري سنة ١٩٣٣ فعين فيه ثلاثة أفراد مصريان وصول إنجليزي، ثم ازداد عدد العمال تبعاً لنمو الجيش وحاجة سلاح الطيران. فاقتنى من آلات التصوير وأجهزته أدقها، وعين من الأخصائيين المهرة الذين حذقوا هذا الفن ودرسوه في بعثات أرسلت إلى البلاد الإنجليزية حتى أصبح استعداد القسم ينافس أحسن الأقسام في البلاد الأوربية
ففي استطاعة قسمنا المصري أن ينتهي من عمل خريطة مكونة من ٦٥ صورة في مدة ٢٤ ساعة بأي مقياس مطلوب رغم ما في هذه العملية من صعوبات فنية. وقد أثبت رجال القسم جدارتهم وسرعتهم في مناسبات كثيرة في الحفلات العسكرية الرسمية المختلفة، فأمكن إخراج الصور وتجفيفها ثم إهداؤها للزائرين في مدة نصف ساعة. وعند زيارة سمو الأمير محمد رضا ولي عهد إيران للكلية الحربية قدمت لسموه صور زيارته للكلية قبل أن يغادرها رغم بعد المسافة بين الكلية وبين مطار ألماظة مركز القسم
معامل متنقلة
وأعد القسم عدته حتى لا يقتصر نشاطه على منطقة واحدة، فجهز سيارات خاصة بجميع الأجهزة اللازمة حتى تكون معمل تصوير متنقلاً يستطيع تحميض الصور وطبعها وتكبيرها في أي زمان ومكان، وفي مختلف الظروف والأحوال. وخصص لكل سيارة عمالها كما وزع بعض رجاله في المناطق التي تمس الحاجة العسكرية إلى وجودهم فيها.
فمنذ سنة ١٩٣٣ وقسم التصوير الجوي يؤدي مهمتين: أولاهما العمل الفني المطلوب، والثانية تعليم الجنود والضباط. فهو من هذه الناحية معمل ومدرسة يقضي فيه الطالب ثمانية أشهر يتلقى فيها جميع الفنون التي يحتاج إليها المصور البارع من نظريات لفهم التصوير وتركيب حوامض التحميض والطبع ثم التكبير وضبط الصور وتحليلها وتأثير