للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

طه حسين - هل أفهم من هذا أن الجوْ الأدبي عرف الحياة في هذا الصيف؟

زكي مبارك - يكفي يا سيدي الدكتور أن تعرف أن الأستاذ أحمد أمين نقل مكتبته إلى الإسكندرية في هذا الصيف ليجد الشواهد تحت يديه وهو يردّ عليّ

أحمد أمين - أنا رددت عليك؟ وهل قلتَ كلاماً يُرَدّ عليه؟

زكي مبارك - الله يعلم كيف شغلت قلبك وعقلك، وكيف قهرتك على مراجعة المؤلفات الأدبية، والمصنفات الفقهية. وهل تستطيع يا أستاذ أن تقول إنك تجهل منزلتي الأدبية؟

أحمد أمين - إن مقالاتك في الهجوم عليّ زهدت القراء في علمك وأدبك

شفيق غربال - سمعت غير هذا. سمعت أن مقالات الدكتور زكي مبارك في الهجوم على الأستاذ أحمد أمين دلتْ على اطلاع فائق وتفكير عميق، وسمعت من يقول إنه لم يعرف قيمة زكي مبارك إلا بفضل هذه المقالات

منصور فهمي - وهذا يشرح جانباً من عقلية المجتمع، فالجمهور يعرف زكي مبارك الناقد ولا يعرف زكي مبارك المؤلف، لأنه ينقد وهو ثائر ويؤلف وهو هادئ

طه حسين - زكي مبارك يصطنع الثورة في كل شيء حتى التأليف، ولكن ثورته في مؤلفاته لا تلفت نظر الجمهور لأنها في الأغلب متصلة بالقدماء، والهجوم على القدماء لا يثير تطلْع الناس إلا حين يمس العقائد من قرب أو من بعد، كالذي وقع يوم ظهر كتاب الشعر الجاهلي

زكي مبارك - ومن أجل هذا حرص سيدي الدكتور على تغليظ بعض الألفاظ ليوجه الأنظار إلى كتابه النفيس!

طه حسين - وبعدين لك، يا دكتور زكي؟

زكي مبارك - لا بَعْدين ولا قَبْلين، ولكني أحب أن أعرف كيف تكون الصراحة حلالاً في وقت وحراماً في وقت؟ وكيف يحلْ لسيدي الدكتور ما يحرُم على سائر الناس؟

طه حسين - يظهر أنك تحب أن تتمتع بالحرية الكاملة في حياتك العقلية، ويظهر مع الأسف أنك لم تعتبر بما عاناه أحرار الفكر في هذه البلاد، فما تحسدني عليه حلال لك حين تشاء. وإني أرجو أن يبعد اليوم الذي ترجع فيه عن شططك وجموحك، اليوم الذي تيئس فيه من إنصاف الناس كما يئستُ من إنصاف الناس

<<  <  ج:
ص:  >  >>