- يا توفيق الله! من هنا نبدأ. أنت تصفين إنساناً بأنه مُر، بينما الإنسان شيء لا يؤكل ولا يشرب حتى يعرف له طعم فكيف سولت لك نفسك هذا الخلط؟
- وأنا مالي! أتريد أن تحاسبني على اللغة أيضاً؟ هم الناس يقولون هذا عندما يريدون أن يصفوا إنساناً بأنه. . . بأنه مر!
- إذن فأنت مقلدة في هذا. . . وسنفرض أيضاً أن كل من يصف الإنسان بالمرارة مقلد في وصفه. . . ولنمض إلى أن نلتقي بأول من وصف إنساناً بهذا الوصف. . . ولنسأله: كيف سولت له نفسه هذا الخلط؟
- سيقول إنه تشبيه
- ونحن أيضاً نقول إنه تشبيه. . . ولكن كيف نشأ هذا التشبيه في ذهنه، وكيف قامت عنده هذه العلاقة بين الإنسان وبين المرارة وهي طعم من الطعوم لا يمكن أن يصل إلى الذهن إلا في أعصاب الجهاز الهضمي؟
- ما للجهاز الهضمي وما نحن فيه؟
- ليس للمرارة مدخل إلى الإنسان إلا من هذا الطريق. . . من الجهاز الهضمي وحده فلن نعدل في تفهم الذوق عن هذا. . وسنبدأ بتقدير حقيقتنا الأولى، وهي أن أول من وصف إنساناً بأنه مر لابد أن تكون أعصاب جهازه الهضمي قد أحست المرارة منه فعلاً. . . وعلى هذا القياس يكون أول من وصف إنساناً بأنه حلو قد أحست أعصاب جهازه الهضمي فيه بطعم السكر فعلاً. . وهكذا. .
- إذا وجدت إنساناً معك يوافقك على هذا الكلام، فإني أعاهدك أن أقوم لك مدى الحياة خادمة، وعلىَّ دخانك! إن هذا الذي تقول لا يصح إلا عند نيام نيام حيث يأكل الناس بعضهم بعضاً فيتذوق بعضهم مرارة ذبيحته أو حلاوتها!
- وأنت لا يصح الذي تقولين، إلا إذا كان عقل الإنسان آلة مضطربة لا نظام لها ولا قانون، ولكن للعقل نظاماً وقانوناً، أفإذا قال هذا علماء النفس آمنت، فإذا قلته أنا تستهزئين؟