ويحب لهم من الخير والاستقلال وبلوغ الكمال ما يحب لنفسه؛ ولكن حبه الخير لأخيه في الإيمان لا ينافي حبه الخير والسعادة لأخيه في الأوطان.
ولا ضرر على الإسلام ولا ضرار في انتشار دين العروبة في البلدان العربية، فكثيراً ما عرفت بين نصارى العرب أو عرب النصارى من شبان يدينون بدين العروبة، ويجاهدون في سبيلها حق الجهاد، ومنهم من هو أكثر خيراً للعروبة وأقل ضرراً للإسلام من بعض ملاحدة المسلمين.
ذلك لأن منهم من كانت عروبته الصادقة تحطم قيود عقيدته التقليدية، وتحمله على درس القرآن وسيرة النبي العربي، فيجلو بدرسه الحر وبحثه المستقل وما ران على قلبه من أضاليل المستشرقين ودعايات المبشرين.
ولو سردت أسماء إخواني في العروبة في لبنان وفلسطين والشام والعراق ومصر وأمريكة وعرضت لذكر آرائهم لضاق بي نطاق البحث، وحسبي أن أذكر من هؤلاء الأدباء النجباء في أرومتهم والصرحاء في عروبتهم الأستاذ خليل جمعه الطوال مؤلف (تحت راية الإسلام)
لقد عرفت قبل اليوم هذا المؤلف معرفة روحية بقراءة ما كان يكتبه في مجلة الرسالة من الأبحاث الدقيقة الممتعة، وعرفته في الفيحاء اليوم عربياً مشهوداً له في بلاده بصدق النسب العربي، والاعتزاز بالنبي العربي، الذي أحيا أمته وجمع بعد تفرق شملها، وشفاها من أمراض الجاهلية المعضلة، وأخرجها من القبلية الضيقة النطاق، إلى الشعبية الفسيحة الآفاق، فجعلها أمة واحدة تحمل بيمناها كتاب القرآن، وبيسراها كتاب علوم الأكوان، فهدت بالأول الأمم إلى مَسمى الإنسانية، واهتدت بالثاني في معترك حياتها الدنيوية، ففازت بالإسلام بسعادة الدارين معاً
استمع لما توحيه إليك كلمة المؤلف في مطلع كتابه إذ يقول: (لقد نشأت بتأثير تربيتي المسيحية الكاثوليكية نفوراً من الإسلام كارهاً له ولأهله، لا أقر له بحسنة، ولا أبرئه من سيئة، وغاية ما كنت أعرفه عنه أنه شريعة فاسدة تنطوي على عيوب كثيرة، أقامتها جماعة من الغزاة المحبين لسفك الدماء والنهب والسلب، ثم اعتنقتها شعوب بدائية وأمم بربرية لا حظ لها من الثقافة والمدنية. ولست أرى عليَّ الآن أيّ لوم في تلك الصورة