ضرائب الأرض وعوائد العقار، وأن يكون لوزارة الشؤون الاجتماعية جباة كما كان لوزارة المالية صيارف. ولا بأس أن يترك الاختيار في الإحسان على أن يستعان على غرسه في القلوب وجمعه في الأيدي بفرقة من الرجال والنساء تدخل البيوت والمكاتب على الأغنياء والغنيات من الأفراد والشركات فيذكرونهم بان الله الذي خلقهم وخلق الفقراء قد جعل جمعة ما بينهم وبينهم قائمة على أساس من المودة والرحمة. فإذا تعهدوا هذه الصلة الإلهية بالبر فمنح القادر العاجز روحا من قواه، ونفح الواجد الفاقد قليلاً من جدواه، سارت القافلة الإنسانية في طريقها غير ظلعاء ولا وانية. فإذا ما جمعت الزكوات والصدقات من طريقي الطوع والكره تجعل في (بيت المال) لا في (الخزانة العامة)، ثم تدبر على النظم الحديثة في التأثيل والاستغلال، وتنفق في إنشاء المياتم والملاجئ والمستشفيات، ويستعان بالفرقة التي جمعت الإحسان من بيوت الأغنياء، في توزيع المعونة على المتعفف المجهول من بيوت الفقراء
وأما ما تستطيعه الوزارة من طريق التشريع فسن القوانين لحماية العامل والفلاح من صاحب المال ومالك الأرض؛ فإن أكثر ما يصيب الطبقة العاملة من المحن والإحن إنما ينشأ من إطلاق الحرية الطاغية لأصحاب الأموال الذين يستثمرونها في التجارة أو في الصناعة، ولأرباب الأطيان الذين يستغلونها بالتأجير أو بالزراعة
فهؤلاء وأولئك على قلتهم يتحكمون في الأجراء ويستبدون بالمستأجرين ولا تدركهم بهم رحمة الخالق بالخلق ولا عناية الصانع بالآلة. فصاحب الآلة يوفر لها الشحم والوقود، ومالك البقرة يهيئ لها الحظيرة والعلف؛ ولكن أصحاب الأموال والأطيان لا يكادون يتركون لعمالهم وفلاحيهم ما يمسك الروح ويستر البدن
وإذا شاءت الوزارة أن تحقق ما يعانيه العامل والصانع من أولى العمل، وما يقاسيه الأجير والزارع من ذوي الطين، تكشفت لها أستار المجتمع عن مآس مروعة من الظلم والغبن والطمع والأثرة لا يستطيع منع تمثيلها المحزن المخزي غير سلطان القانون
بقى ما تستطيعه الوزارة من طريق الإدارة وهو يشمل ما لا يدخل في نطاق الدين أو القانون بنص صريح، كمكافحة البطالة بتيسير سبب العمل للعامل، وتدبير رأس المال للصانع، وتمصير المعامل والمصانع والمتاجر والمصارف والشركات يداً ولساناً ليحل