العصر الذي غربت فيه شمس الدولة الفاطمية فنهبت هذه القصور وأحرق أكثرها وحمل القليل من تحفها وجواهرها، وشاءت الأقدار أن تحفظ لنا تميما وأن ينقل من مصر مع من هاجر من بقايا هذه الأسرة وأتباعها الذين اعتصموا بجبال اليمن ولاذوا بحصونها الطبيعية المنيعة من غوائل أعدائهم. أما أدباء العرب والمؤرخون فلم يعرفوا عن تميم بعد ذلك إلا شذرات متفرقة وبضع قصائد لعبت بها يد التحريف والتصحيف
إن البقية الباقية من أتباع الفاطميين لم يكونوا بمأمن على أنفسهم في جبال اليمن فأرادوا النجاة بأرواحهم وبما في أيديهم من الكتب إلى الهند في مقاطعة كُجرات، فأقاموا بها وشيدوا لأنفسهم هنالك دويلة روحية وأقاموا لهم كلية عظيمة تدرس بها العلوم الفاطمية حيث يقبل الطلبة من أنحاء الهند إليها فيتعلمون بعد امتحان دقيق ما تصبوا إليه نفوسهم من العرفان. وكان من نصيبي أن أدرس بهذه الكلية، أو بعبارة أقرب إلى الوضوح أنه كان يعنيني في هذه الكلية دراسة فلسفتها كما حاولت قبلها الانتساب إلى كليات أخرى في مذاهب شتى لاستكمال الثقافة الإسلامية من نواحيها العديدة، ولاعتقادي أن الحكمة ضالة العاقل ينشدها في كل مكان ويبحث عن لآلئها في كل غور وصقع. وكان هذا الديوان فيما وجدته بين نفائس المكتبة وما أكثرها، فنقلته من سبع نسخ مختلفة كما نقلت غيره من الكتب الخطية المفقودة في جميع مكاتب العالم، ومنها مثلاً ثمانمائة محاضرة لداعي دعاة الفاطميين المؤيد الشيرازي الذي ناظر أبا العلاء المعري. وقد أردت قبل طبع الديوان جملة أن أعرض على قراء الرسالة الغراء نماذج يسيرة من هذا الديوان
قال رداً على عبد الله بن المعتز في تفضيله العباسيين على العلويين في قصيدته التي أولها (أي ربع لآل هند ودار):
يا بني هاشم ولسنا سواء ... في صغار من العلي أو كبار
إن نكن ننتمي لجدّ فإنا ... قد سبقناكم لكل فخار
ليس عباسُكم كمثل عليٍّ ... هل تُقاس النجومُ بالأقمار
من له الفضل والتقدم في الإ ... سلام والناس شيعة الكفار
من له الصِهر والمواساة والنص ... رة والحرب ترتمي بالشرار
من دعاء النبي خِدنا وسمّا ... هـ أخا في الخلفاء والإظهار