للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جميعاً صاحب السعادة عبد العزيز فهمي باشا. . . فهو الزعيم المصري الذي آمن بحق الوطن حينما لم يكن يؤمن به إلا نفر قليل جداً من أبناء الوطن، وهو الذي سبق كل الزعماء في تقدير القسط الصالح من سيادة الشعب وقتما كان كل الزعماء يريدون للشعب سلطة فضفاضة وهو لم يزل طفلاً ناشئاً. . . وهو الرجل الذي لو أراد أن يعيش متنقلاً بين الكونتنتال ومينا هاوس وسان استفانو لفعل، ولكنه على الرغم من جهل الجماهير لفضله يفضل دائماً أن يقترب من الجماهير، ويختار جمهوره الأقرب إليه فهو يلزم (كفر المصيلحة) قريته التي نبت فيها والتي وهبها كل الفراغ من وقته، والتي ظل فيها يكافح الجهل حتى محا منها الأمية محواً، ويكافح الفقر حتى لم يعد من أبنائها متعطل ولا متسكع، ويكافح المرض حتى أصبح أكثر أهلها من هواة الألعاب الرياضية وهم يقيمون فيها المسابقات. . . هذا الرجل وغيره من رؤوس الريف العاملين المجربين هم الذين يعرفون ما هي السبيل إلى نشر المبادئ الاجتماعية القويمة، وليشترك معه الكتاب والمفكرون والمجاهدون الذين لهم ماض بين الفقر والجهل والمرض. . . أولئك الذين خالطوا الناس وعرفوا أوجاعهم، والذين أهينوا وعذبوا وسجنوا وجاعوا وتألموا. . . أبناء الشعب، ونبت الطين المصري. . . من يهمهم إصلاح الحياة في مصر لتصلح حياتهم هم أنفسهم، ولترتاح ضمائرهم. . . أما الإذاعة فتنقسم إلى قسمين: أولهما قسم الأغاني والموسيقى، وثانيهما قسم الأحاديث والمحاضرات والتمثيل. وقسم الأغاني والموسيقى لا يمكن أن يرقى إلا إذا أشرف عليه رجل موسيقي، وهو اليوم ملقى بين يدي مصطفى بك رضا الموظف بوزارة الأوقاف، وهو رجل من أبناء الذوات تعلم العزف على القانون كما يتعلم أبناء الذوات وبنات الذوات العزف على البيانو، فهو عندهم وعندهن زينة وأبهة. . . هذا الرجل يجب أن يبعد عن محطة الإذاعة وعن المعهد الملكي للموسيقى العربية ليحل محله واحد ممن كافحوا الحياة في سبيل الفن، وممن بذلوا للفن حياتهم؛ وأنا، ومن يعرفون لا يشكون في أن مثل زكريا أحمد هو أول هؤلاء فقد كان مقرئاً للقرآن كما كان من منشدي القصائد ومرتلي مولد النبي، ثم إنه من ملحني التخت له أدوار وطقاطيق وموشحات لا يحصى عددها وهو بعد ذلك من ملحني المسرح والسينما أيضاً. . . وليس في مصر من جمع هذه المميزات على نجاح مشهود وتفوق ظاهر غير زكريا، فكيف يبعد رجل كهذا عن الإشراف على

<<  <  ج:
ص:  >  >>