للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

للإصلاح لابد من إنفاذها وإن عوَّق القدر وطال الأمد. ولولا ذلك ما هششنا لهذه الوزارة الوليدة ولما أسرفنا في الرجاء منها والحديث عنها. لهذا نعتقد أنه سيفرغ لها بعد حين قد يطول وقد يقصر، فيدبر لها المال ويمهد لرجالها سبيل العمل. وليس من الغلو فيما أظن أن تكون ميزانيتها وسطاً بين ميزانيتي الصحة والمعارف، فقد علمنا أن اختصاصها يكاد ينبسط على كل شيء في هذا البلد. على أن المال الذي يُفرض لهذه الوزارة في ميزانية الدولة هو وحده النصيب الحق لهذا الشعب المسكين من ثروته العامة؛ فإن أكثر ما يجبى من موارد الوطن المشتركة إنما يذهب للحكومة لا للأمة، وللأغنياء لا للفقراء، وللمدائن لا للقرى. وجمهور الشعب هو صلب المجتمع وأداة إنتاجه وعدة دفاعه، فينبغي أن يكون همُّ الخاصة وولاة الأمر مصروفاً لسد عوزه وتثقيف عقله وتأمين سلامته، لا يضنون عليه في سبيل ذلك بمال ولا جهد

إن رئيس الوزارة الذي يتذرع لتقوية الدفاع الوطني بكل الذرائع، لا يمكنه أن ينسى مادة ذلك الدفاع ولا هيكله من العمال والصناع والزراع ومن يقمن على رعايتهم وخدمتهم من أم وزوجة.

فلعله يقرع بصوته العالي أسماع أولئك الأمراء والأغنياء فينزلوا عن بعض ترفهم وسرفهم للجيش أسوة بمن يضحون بأرواحهم وأموالهم في سبيل وطنهم من أمراء إنجلترا وأغنياء فرنسا؛ فإنهم إن فعلوا ذلك - وبعيدٌ أن يفعلوه طائعين - تسنى له أن يجد المال الضروري للشؤون الاجتماعية، ومن ثَم يتسنى لوزارة هذه الشؤون أن تنهض بما ألقى عليها من عبء، وتحقق ما نيط بها من أمل

نعم، هذا هو المنهاج فكيف يكون المسير؟ هيهات أن تسير وزارة الشؤون الاجتماعية إلا على قدمين من عزم ومال. فمتى تيسر لها المال وتوفر لها العزم كان عليها يومئذ أن تعيد النظر في تنظيمها وتقسيمها على أساس مكين من الحاجة والكفاية والاختصاص، فإن الإسراف في قلة الموظفين كالإسراف في كثرتهم سواء بسواء؛ والعدول عن الكفء إلى غيره جناية على العدل وإنكار لفائدة العمل؛ ووضع الأمر في غير أهله أقصر الطرق للفوضى المربكة والفشل المحقق. وإذا كانت الوزارات الأُخر تجري على سَنَن من التقاليد الموروثة والأنظمة الآلية والأعمال الرتيبة، فإن هذه الوزارة الجديدة في وضعها

<<  <  ج:
ص:  >  >>