تغزل خيطاً طويلاً متيناً من ألياف الكتان أن تضع جانباً من هذه الخيوط على عصاً وأن تلف بعضها على بعض حتى يتكون منها خيط متين، فكان اختراعها هذا أول نوع من المغزل. وكان يدار باليد ثم صار يدار كعجلة الغزل. وكانت محبة الجمال هي السبب الذي جعل المرأة تمل من اللون الساذج البسيط للأصواف، فوضعت المرأة المادة التي تصنع منها خيوطها في أثناء العمل في عصارات بعض النبات لتغير من لونها.
كان هؤلاء النسوة اللاتي نتحدث عنهن من نسوة القبائل الرحالة. وفي ابتداء العهد الزراعي وعهد إنشاء المساكن أتيحت الفرصة للمرأة لتوطد هذه الصناعة. ولم تعد أمامها ضرورة تقضي بالاقتناع بالمواد الخشنة التي تجدها في الحقول بل أصبح في وسعها زراعة الكتان والقطن لتكون ثيابها أرق وأخف وزناً مما يصنع من الصوف. وأصبح عمل الراعي أهم لما صارت الحاجة إلى صوف غنمه مثل الحاجة إلى لحومها في السوق.
وفي الكتاب المقدس أقصوصة تدل على أن ميشا ملك مؤاب قد دفع لمولاه ملك إسرائيل الجزية صوفاً لمائة ألف جمل ومائة ألف سخل. وقد كان حذق النساء صناعة المنسوجات الصوفية مما جعل لها قيمة تجارية.
وفي سفر الأمثال من الكتاب المقدس صورة جميلة لامرأة متخيلة في عهد كان قبل سبعمائة عام من التاريخ المسيحي، وكان كل ما منزلها بحاجة إليه من الفنون خاضعاً لسلطانها. وهذا الوصف جاء على لسان ملك ليمويل الذي علمته أمه ما ينبغي أن تكون عليه المرأة التي تصلح زوجة له. وهذا وصفها:(هي التي تبحث عن الصوف والكتان وتعمل بيدها راغبة في ذلك وهي التي تصنع بالمغزل وتمسك بيديها النسيج وتمد يدها بالبر إلى الفقير والى المضطر وهي لا تخاف على منزلها من البرد لأن منزلها مفروش بالبساط القرمزي وهي التي تصنع أغطية من الدانتللا وترتدي ثياباً من الحرير والقماش الأحمر).
الأميرة الصينية وثوبها الحريري
إذا كنت فتاة صينية معهوداً إليها بتربية دود القز لأمك فإنك ستملين سريعاً من جمع ما لا يحصى من ورق التوت لإطعام هذا الدود الجائع. ولكنك إذا شكوت إليها فإنها ستقول لك:(إن كانت الإمبراطورة (هسي لنج شي) العظيمة المقدسة تتعهد بيدها دود القز، وهي فتاة، فلأي سبب لا تفعل ذلك فتاة عادية مثلك؟).