الأغاني والأناشيد دون أن نتعلم كيف نحمل القوس ونستعملها استعمالاً صحيحاً. فهل العبادة أقل خطراً من العزف؟ هل الحياة الروحية أقل أهمية من حياة اللهو؟ لاشك أن عبادة الله تحتاج إلى كثير من الجد والتأمل والمران الطويل.
يشكو الكثيرون الخمود في حياتهم الروحية. ويزعمون أنهم يخفقون كلما حاولوا الاتصال بالرفيق الأعلى. فهل حان لنا الوقت لنسأل أنفسنا عما إذا كنا نسلك الطريق الصواب في محاولاتنا الاتصال بالله؟ إن العبادة ككل شأن في الحياة لها طريقها الخطأ وطريقها الصواب.
ولا يفهم من كلامنا أننا نريد أن نقول إن الإنسان لا يستطيع أن يتصل بالله إلا إذا عرف طريق العبادة فهذا ما لا نرمي إليه، ولكننا نستطيع أن نؤكد هنا شيئاً واحداً وهو أننا لا نستطيع أن نصقل قوانا الروحية ونصل بها إلى غايتها العليا. إلا إذا عرفنا ما يجب عن الله جل شأنه، وما يوجبه علينا من الفروض في هذه الحياة، ونعد أنفسنا لطاعته على الدوام.
إن العبادة أمر طبيعي في الإنسان. فنحن في بداوتنا أو حضارتنا، إذا أصابتنا ملمة نفكر دائماً في تلك القوة التي تقينا شر العوادي، ونصور بألسنتنا أو قلوبنا ذلك الإحساس العميق نحو الخالق الذي بيده كل شيء. فبعضنا يلجأ إلى الرقي والتعاويذ وبعضنا يلجأ إلى الخلوات وبعضنا يتوجه إلى الكنائس وبعضنا يذهب إلى المساجد وبعضنا يجأر إلى القوة الإلهية مستصرخاً من شر ما يلاقيه، ومهما تتعدد الوسائل وتختلف الأسباب، فكلنا نتجه إلى قوة نسألها العون في جميع المطالب.
إن عقائدنا تصور نفوسنا. فمن الواجب أن نعرف الرأي السديد في معرفة الله إذ أن حياتنا وأخلاقنا يسيران خطوة خطوة وراء هذا الرأي.
نحن حين نعبد الله نعبد صفات. فماذا ترى أن تكون صفات الله. إن عبادتنا تتوقف على معرفة ذلك. فإذا عرفنا الله معرفة خاطئة لا يقبل عبادتنا. فلا يصح مثلاً أن نطلب إلى الله أن يقسو على أعدائنا، أو نطلب إليه تحقيق رغبة من الرغبات التي تبعثها الأنانية الشخصية، لأن الله له صفات فوق كل ذلك.
يجب أن ننظر إلى الله عن طريق الحق والجمال وحب الخير، وأن نعتقد بأنه منزه عن كل