هو قد كتب عليها (فلان: متخصص بقراءة القرآن) يفخر بذلك ويعتز به، وسأل عن الذي طبع كتاب (النشر في القراءات العشر) فلما لقيه أكبره وعظمه، وعلمنا بعد أنه ملم بعلم القراءة عارف برواياتها، وقارئ للقرآن، ناشر لكتب في هذا العلم عدة، ومن شبابنا من لا يعرف ما الإدغام وما الإخفاء، وما المخارج وما الأداء، ويرى اشتغاله بذلك ذلة لأنه لا يشتغل به (على ما أفهموه. . .) إلا رجعي غير متمدن، وشيخ جامد. . . وأمثال (برتزل) أكثر من أن يحيط بهم حصر.
أصبحت الحملات على الإسلام منظمة مرتبة قوية، تأتيه من كل صوب، وتهاجمه من كل ناحية، من ناحية الأخلاق بنشر الفسوق والخمور، وتهوين أمر العرض، ونشر أدب الشهوة، وصورة العراة، ومن ناحية العبادات بصرف الناس عنها، والتزهيد فيها ومن ناحية العقائد بإدخال الشكوك عليها، ووضع الشبَه من حولها ومن ناحية العلم، بإبعاد الناشئة عن علوم الإسلام، بصرفهم عن كتبه، وتحقير علمائه في أنظارهم. فماذا فعل علماؤنا حيال ذلك كله؟
لا أشك في جلال العمل الذي قام به الشباب في مصر والشام ولا أبخسهم قيمتهم، ولا أهمل ذكر جهادهم؛ وإن للأخوان المسلمين في مصر، والشبان المسلمين في مصر وفي غيرها، ولشبان الأزهر، وشباب محمد، والتمدن الإسلامي في الشام:(دمشق وحلب وبيروت) وأمثالهم ممن اختصرت فلم أذكر، أو جهلت فلم أعلم، إن لهم بما عملوا لذكراً في الناس ومجداً، وثواباً عند الله وأجراً. . .
ولكن كلامي هنا عن (كبار العلماء) ماذا عملوا في رد هذه الحملات؟
أو أقل من أن يؤلفوا للشاب المسلم كتاباً يعرف به دينه إذا ألهمه الله الرجوع إلى الدين، وخلصه من كيد الشياطين؟
لقد فهمت من الرسائل الكثيرة التي جاءتني تبحث في فكرة تأليف الكتاب أن الذي يمنع العلماء من تأليف هذا الكتاب أن عندهم علوماً متميزة، وفنوناً متباينة، فهم لا يدرون أيجعلون الكتاب فقهاً أو حديثاً، أو أصول فقه، أو مصطلح حديث؟
وهذه إن تكن هي (العلة) فإن عندي (دواءها) الذي يشفيها بإذن الله:
يقسم الكتاب إلى ثلاثة أبواب كبار: باب العلم، وباب العمل، وباب الاعتقاد.